لا ينكر الفرنسيون البرودة التي اعترت العلاقة مع السعودية. الأسباب كثيرة، تبدأ من لبنان، وتمر بسوريا، لتصل إلى السودان. نيكولا ساركوزي اليوم في السعودية في زيارة «ترضية»
باريس ــ بسّام الطيارة
يقوم الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، اليوم، بزيارة خاطفة إلى السعودية أثناء عودته من الدوحة، حيث سيشارك اليوم في افتتاح مؤتمر المساعدات للدول النامية. وينظر البعض إلى هذه الزيارة من زاوية «إزالة التوتر القائم بين باريس والرياض»، بينما يرى آخرون أنها «تأكيد على العلاقات المتينة التي تربط العاصمتين».
إلا أن الزيارة تبدو، كما يقول أكثر من مراقب، «زيارة ترضية» للحد من برودة حال العلاقات حالياً، وخصوصاً أن «عين الحدث» سوف يجري في قطر، حيث يلتقي ساركوزي الرئيس السوداني عمر البشير للبحث في حل لأزمة دارفور.
رغم هذا، تقول مصادر في الإليزيه إن ساركوزي والملك عبد الله سيقومان، خلال اللقاء الذي يعقد في جدة على ضفاف البحر الأحمر، «بجولة أفق تتناول جميع المسائل الإقليمية»، مشيرة خصوصاً إلى النزاع العربي الإسرائيلي ومفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. إلا أن هذه المصادر تعود وتؤكد أن مسألة «الانفتاح الفرنسي على سوريا» سوف تطرح على بساط البحث، وهي إشارة «شبه مباشرة» إلى «حالة البرودة التي تجترح العلاقات بين البلدين».
وكان مصدر مسؤول في الإليزيه قد «اعترف» أخيراً بأنه «كانت لمصر والسعودية بعض التحفظات»، على ما وصفتاه بخطوات تطبيعية تجاه دمشق رغم نجاح «المسار الفرنسي»، الذي تجلى في عدد من الملفات. وأكد أن من أهداف هذه الزيارة «عرض حجج باريس» في محاولة لتليين موقف الرياض، مثلما حدث مع القاهرة التي خفّفت من انتقاداتها في شأن التقارب الفرنسي ــ السوري.
إلا أن تراجع الانتقاد في هذا الملف لا يعني إزالة الشوائب في مجمل العلاقات بين العاصمتين، إذ إن ساركوزي، كما يقول دبلوماسي عربي، يحرّك عدداً من الملفات في آن واحد وكلها تهم العاصمتين، إلا أنه «يحركها بواسطة رافعة قطر»، وقد يكون هنا بيت قصيد البرودة بين الرياض وباريس.
ومثل عادته، فإن ساركوزي «الذي لا يتراجع»، لا يزال مصمماً على استعمال هذه الرافعة، إذ سيبحث في الدوحة مع البشير «السلام في إقليم دارفور». ويتفق المراقبون على أن «ملف محكمة الجنايات الدولية سوف يكون في لب المباحثات». وذكرت مصادر الإليزيه «أن الرئيس سيذكّر البشير بأنه ينتظر تطوراً»، مشيرة إلى مطالب سابقة بتغيير سياسة الخرطوم قبل النظر بإمكان العمل على تجميد قرارات ملاحقة البشير. كما أشارت هذه المصادر إلى أن الوضع الداخلي السوداني، في إشارة إلى ترطيب الأجواء بين الشمال والجنوب، سوف يكون مدار بحث إلى جانب «العلاقات بين السودان والتشاد».
ويرى بعض المراقبين أن «زخم» المباحثات في الدوحة، لا بد من أن ينعكس «برودة» على مباحثات جدة، مهما كانت النتائج المعلنة في البيان المشترك السعودي الفرنسي «المفترض».