باريس ـ بسّام الطيارةنفعت صلاة «هدّاف فريق فرنسا المسلم فرانك ريبيري» على طرف استاد دو فرانس بترجيح كفة الفرنسيين بثلاثة أهداف في مقابل هدف يتيم للفريق التونسي في مقابلة ودية. ورغم أن عدداً من لاعبي الفريق الفرنسي هم من أصول عربية، إلا أن هذا لم يمنع المشاهدين من «إطلاق صفير استهجان» كلما مسّ أحد «الفرنسيين» الكرة.
كان يمكن للأمر ألا يتجاوز الإطار الرياضي ويدخل ضمن تصنيفات «مآثر الهوليغان في الملاعب»، إلا أن الاهتمام الإعلامي انصبّ على «صفير الاستهجان الذي رافق النشيد الوطني الفرنسي» قبل صفارة انطلاق المباراة رغم أن الفنانة التي غنّت النشيد هي عربية الأصل. فقد استدعى نيكولا ساركوزي في اليوم التالي الوزراء المسؤولين عن الرياضة لاجتماع طارئ وطفحت تعليقات السياسيين التي تباينت بين من دعا إلى وقف المباراة حالما ترتفع صفارات الاستهجان والتحدي ومن طالب باللجوء إلى كاميرات الملاعب لتوقيف «كل من يصفّر»، ومن دعا إلى منع «المصفرين» من الدخول إلى الملاعب وصولاً إلى الأكثر تطرفاً برنار لابورت الذي طالب «بمنع المباريات مع الفرق المغاربية».
يُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي «ينصب غضب المشاهدين على النشيد الفرنسي». فالشيء نفسه حدث في عام ٢٠٠١ خلال مبارة مع الجزائر، وفي عام ٢٠٠٧ في مبارة ضد المغرب.
ردود الفعل أشارت إلى أن «المغاربة لم ينسوا حقبة الاستعمار»، وبعضها نظر إلى الأمر على أنه تعبير عن «قلق اجتماعي» من نظام يهمل أولاده الفقراء من سكان الضواحي، الذين لم يترك لهم النظام الاستهلاكي سوى البطالة والتعلق بكرة القدم.
ويرى عدد من المراقبين أن حرق إطارات أو حرق سيارت في الضواحي أو إطلاق صفير الاستهجان هي إشارات بعيدة جداً عن العنصرية بمعنى «مغربي معاد للفرنسي». وأفضل دليل على ذلك أن اللاعبين من أصول عربية يصيبهم ما يصيب زملاءهم من أصول فرنسية، إلا أن هذه الإشارات تعبّر عن حالة «ثورة على الواقع الفقير»، وعدم وفاء الحكومات المتعاقبة بوعودها بتحسين أحوال «أبنائها الجدد» من أصول مهاجرة وتركهم فريسة للبطالة والجهل والمخدرات، وهو ما كان وراء ثورات الضواحي.
ولكن لا يمنع هذا من وجود بعض «الحوافز التاريخية»، فعدد لا بأس به من المهاجرين العرب لا يزالون ينظرون إلى فرنسا كدولة استعمرت بلادهم وهي «مدينة لهم». ولكن لا يتوقف هذا على المغاربة، إذ يذكر الجميع أن الرئيس الأسبق، جاك شيراك، خرج عام ٢٠٠٢ من ملعب في بداية مباراة بين باستيا ولوريان لأن النشيد الوطني تعرّض لصفارات استهجان، ولكن هذه المرة ليس من قبل المغاربة بل من قبل الكورسيكيين.