strong>المناظرة الثالثة تنتهي إلى تعادل سلبي: سخرية وانتقادات ومواجهة اقتصاديةتمكّن المرشّح الجمهوري، جون ماكاين، خلال المناظرة الأخيرة مع نظيره الديموقراطي باراك أوباما، من العودة إلى قلب المعركة عبر الهجوم، إلّا أنه لم يسجّل ضربة تعيده إلى السباق في ظل تباين الاستطلاعات التي تلتها

واشنطن ــ محمد سعيد
طغت الأزمة المالية والاقتصادية على جدول أعمال المناظرة الثالثة والأخيرة بين مرشحي الرئاسة الأميركية، باراك أوباما وجون ماكاين، التي جرت أول من أمس في جامعة هوفستاد في مدينة هامبستد ــ نيويورك، حيث حاول المرشح الجمهوري إنقاذ معركته الرئاسية عبر الهجوم على خصمه.
وجدّد أوباما طرح نفسه كـ«مرشح التغيير»، كما حاول ربط ماكاين بالرئيس الحالي جورج بوش إلى أن وصل به الأمر قائلاً «لا أمانع أن أهاجَم للأسابيع الثلاثة المقبلة، ولكن الشعب الأميركي لا يحتمل أربع سنوات إضافية من السياسات الاقتصادية الفاشلة». وحذّر من أن سياسات منافسه ستكون تقريباً امتداداً لسياسات بوش، التي أدت إلى رفع إجمالي الديون على الحكومة من 5 إلى 10 تريليونات دولار.
عندها، ردّ ماكاين بأنّه يستطيع أن يحقق توازناً في الميزانية خلال أربع سنوات، محاولاً فك ارتباطه بطيف بوش الذي يلاحقه كالهمّ في معركته، مؤكّداً أنّه ليس الرئيس بوش. وقال «إذا أراد أوباما أن يخوض حملة انتخابية ضدّ بوش، فكان بإمكانه ذلك منذ أربع سنوات».
وانتقل بعدها المرشحان للسجال حول أزمة الرهن العقاري، فركّز ماكاين على اقتراحه بتخصيص 300 مليار دولار لشراء المنازل التي عجز أصحابها عن السداد، وإعادة بيعها لهم بشروط جديدة. وردّ أوباما معتبراً الخطة تنطوي على خسائر هائلة للميزانية الفدرالية وبمثابة توزيع هبات مالية على المصارف وتبديد لأموال دافعي الضرائب، مؤكدا تأييده لخطة الإنقاذ المالي التي أقرّها الكونغرس في وقت سابق من الشهر الجاري، والتي قال إنها تشتمل على ضمانات لمساندة الطبقة المتوسطة وحماية أموال دافعي الضرائب وعدم إثراء مسؤولي مؤسسات المال.
وكان لافتاً، إحضار ماكاين لـ «جو السباك» كي يستشهد به في خطته الاقتصادية، فشكا المواطن لأوباما من عدم قدرته على إقامة مشروع خاص به بعدما عمل لسنوات طويلة في هذه المهنة، وذلك بسبب سياسة الضرائب التي طرحها أوباما. وعن اقتراح أوباما خفض الضرائب على 95 في المئة من الشعب الأميركي وزيادتها على من يتجاوز دخله 250 ألف دولار سنوياً، اتهم ماكاين المرشح الديموقراطي بتقويض الحلم الأميركي، لأن هؤلاء لن يكونوا قادرين على «امتلاك شركاتهم الخاصة»، مضيفاً إن «توزيع الثروات» الذي يدعو إليه أوباما يعني إشعال «حرب طبقية».
فردّ المرشح الديموقراطي بأن خطة ماكاين تقتضي تقديم 200 مليار دولار من الخفوضات الضريبية الإضافية إلى بعض من أغنى الشركات في الولايات المتحدة، ومنها شركات النفط مثل «إكسون موبيل» التي ستحصل على إعفاءات تصل إلى أربعة مليارات دولار.
وعن تمويل برنامجه الاقتصادي، قال أوباما إنّ خطته تتضمن تقليصاً للإنفاق، وإن كل دولار سيخفضه سيقابله خفض في أوجه أخرى، منها على سبيل المثال وقف ما يقرب من 15 مليار دولار تقدمها الحكومة الفدرالية كدعم لشركات التأمين الصحي. وأضاف إن «هذه الأموال لا تذهب إلى مستحقيها، ولا يستفيد منها المسنون بمقتضى برنامج الرعاية الطبية، وليست أكثر من هبات تدفع لهذه الشركات». كما شرح سياسته للطاقة قائلاً إنّ «الاستثمار في توفير مصادر جديدة للطاقة سيساعد أميركا على التوقف عن الاقتراض من الصين، لكي تدفع للسعودية للحصول على النفط».
في المقابل، ادعى ماكاين إمكان الاستغناء عن واردات النفط من الشرق الأوسط وكندا وفنزويلا خلال 7 إلى 10 سنوات إذا طُبّق برنامجه للطاقة. ورأى أن تقليص الإنفاق في مجال الطاقة التي ترسل أميركا بسببها نحو «700 مليار دولار للدول التي تمقتها»، يتمثل في بناء 45 مفاعلاً نووياً، وإقامة مشروعات لتوليد الطاقة الشمسية ومن الرياح والغاز الطبيعي والتنقيب عن النفط في أعالي البحار.
وبعيداً عن الاقتصاد، تطرّقت المناظرة إلى التشويه الذي شاب حملة الدعاية للمرشحين. وقال ماكاين إن «هذه حملة صعبة للغاية، وإنه يأسف لبعض الجوانب السلبية التي شابتها»، لكنه عاد ليقول إن أوباما «أنفق من الأموال على الإعلانات السلبية أكثر مما أنفقته أي حملة رئاسية في التاريخ»، وإنه يستطيع أن يثبت ذلك. فردّ أوباما بأن شبكة «إن بي سي» أجرت استطلاعاً للرأي أشار فيه ثلثا الأميركيين إلى أن ماكاين يدير حملة دعاية سلبية. ودافع كلا المرشحين عن اختياره لنائبه، إذ أشاد أوباما باختياره لجوزيف بايدن لخبرته في السياسة الخارجية التي يقرّ بها خصومه قبل أصدقائه، وأشار إلى أنّه سيكون رئيساً رائعاً للبلاد «إذا حدث لا قدر الله مكروه لي».
أما ماكاين، فوصف نائبته سارا بلين بأنها نموذج يحتذى للمرأة ولكل المصلحين في أميركا، مضيفاً على استحياء «إن مسألة ما إذا كانت مؤهلة للرئاسة تعود للشعب الأميركي، إلا أنها لا شك قادرة على ذلك». كما أقرّ أن بايدن مؤهل لتولي الرئاسة إلا أنّه كان مخطئاً بشأن العديد من قضايا السياسة الخارجية والأمن.
واعتمد ماكاين أسلوب السخرية بمهاجمة منافسه فقال مثلاً «إننى معجب بلباقة وبلاغة أوباما الذي لم يسبق له أن سافر خارج الحدود الجنوبية للبلاد»، في إشارة إلى موقف أوباما المعارض لاتفاقية التجارة الحرة مع كولومبيا.
وفي تقويم المناظرة الأخيرة ومن كان المنتصر فيها قبل نحو أسبوعين على موعد الانتخابات العامة، حصل تفاوت في استطلاعات الرأي بين من وجد أنّ المناظرة أعادت ماكاين إلى قلب المعركة، ومن اعتبر أنّ أوباما حافظ على موقعه الريادي في السباق. وأظهر استطلاع للرأي أجرته «سي إن إن» أن 58 في المئة من الذين شاهدوا المناظرة قالوا ان أوباما تفوق على ماكاين، فيما قال 31 في المئة إن المرشح الجمهوري كان أفضل.
من جهة ثانية، أظهر استطلاع لصحيفة «بوليتيكو» شمل ناخبين لم يختاروا مرشحهم المفضل للرئاسة أن أوباما تفوّق على منافسه بفارق بسيط، فيما تفوّق ماكاين بين الناخبين غير الملتزمين حزبياً.