سيقضي الرئيس نيكولا ساركوزي يومين في القارة الأميركية، يفتتح خلالهما قمة الفرنكوفونيّة في كندا، قبل أن ينتقل إلى منتجع «كامب ديفيد» لعقد قمة مالية استثنائية مع جورج بوش
باريس ــ بسّام الطيارة
ستدوم الزيارة الأميركية لنيكولا ساركوزي يومين، سيختصر خلالها مشاركته في القمة الفرنكوفونية التي يحضرها زعماء ٦٨ دولة، بسبب الأزمة المالية، وسينوب عنه رئيس وزرائه فرنسوا فييون.
انتقادات الصحافة الكندية للزيارة القصيرة التي تبدأ اليوم، وكتابة صحيفة «لودوفوار» الصادرة في كيبيك «لامبالاة ساركوزي بالفرنكوفونية»، يجب ألّا تحجب واقعة أنه سيعقد قمة استثنائية مع رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر، يشارك فيها أيضاً رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو لبحث الأزمة المالية، إذ إن كندا عضو في مجموعة الثماني الصناعية.
ويتّجه باروزو وساركوزي معاً إلى الولايات المتحدة، ما حدا بالبعض إلى القول إنّ «أوروبا تتّجه إلى أميركا» لمعالجة أزمة أدخلت العالم في حالة ركود كان يتخوف الجميع منها.
ويصل الرئيس الفرنسي إلى القارة الجديدة متسلّحاً باتفاق دول أوروبا الـ٢٧ بعد قمة بروكسل الاستثنائية التي «وافقت بالإجماع على الإجراءات التي جرى اعتمادها والتي تبنّتها قمة أوروبية مصغرة في باريس يوم الاحد الماضي لمعالجة الأزمة المالية».
ويدرك ساركوزي، مثله مثل الزعماء الأوروبيين، أن عدداً من هذه القرارات لا يمكن تنفيذها من دون «مشاركة إيجابية» من الولايات المتحدة وخصوصاً في ملف «تعزيز الإشراف على الشركات الكبرى»، في ظل مخاوف من أن يجد أمامه «رئيساً ضعيفاً غير قادر على اتخاذ قرارات جريئة»، وخصوصاً عندما سيفاتحه بضرورة «إعادة صياغة النظام المالي العالمي». لكن لن يكون ساركوزي طليق اليدين كما كان منذ أسبوعين، مع بداية الأزمة، عندما بدا وكأنه يقود «النظام العالمي نحو خشبة الخلاص». إلا أنّ عدداً من الدبلوماسيين الأوروبيين باتوا يلومون ساركوزي لأنه «سحق هيبة المفوضية الأوروبية» على حساب شخصه. ولوّح ساركوزي في مداخلته الإعلامية عقب قمة بروكسل الأخيرة بقوله «دعونا لا نرجع الى العادات السيئة نفسها في عدم التنسيق وعدم التشاور في ما بيننا». والواقع أن هذا الاستفراد بالقرار بين «كبار الأوروبيين» هو الذي قاد إلى هذا «الشغب بين الصغار الأوروبيين»، والذي برز خصوصاً في «أمور إجرائية هامشية»، ولكنها مهمة ومرتبطة بمستقبل الاتحاد الأوروبي، وفي مقدّمها القرارات حول حماية البيئة ومكافحة التغيير المناخي، وهي ملفات لا اتفاق أصلاً حولها بين أوروبا والولايات المتحدة منذ وصول جورج بوش إلى البيت الأبيض، بعدما جدّد الأخير رفضه توقيع اتفاق كيوتو. وتتداخل اليوم الأزمة المالية بهذا الملف، لما له من انعكاسات على الاقتصاديات وترابطه أيضاً بسياسة إمداد النفط وأسعاره، إضافة إلى «المضاربة على أسعار المواد الأولية» التي تسعى أوروبا إلى الحدّ منها.
لكن، لا تزال الشكوك تحوم حول إمكان بقاء الوفد الأوروبي موحّداً. ذلك أنه رغم إعلان القادة الأوروبيين التزامهم بأهداف وصفوها بأنها «طموحة» لمكافحة التغيير المناخي، إلا أن دولاً تتقدمها إيطاليا وبولندا دعت إلى الحذر من انعكاسات «هذه القرارت البيئية على الاقتصاد الأوروبي» المتعثّر أصلاً.
ورغم أن أحداً لم يعترض على هدف خفض الانبعاث الحراري وثاني أوكسيد الكربون بنسبة ٢٠ في المئة بحلول عام ٢٠١٠، يبقى أن عدداً من دول شرق أوروبا وبعض الدول الصناعية تشير إلى أن الخطة باهظة التكاليف في ضوء الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وكانت الدول «الجديدة» الحليفة للولايات المتحدة في الاتحاد، وهي بولندا والمجر وبلغاريا وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا، قد دعت في رسالة مشتركة، قادة باقي دول الاتحاد، الى إدراك مصاعبها الاقتصادية، تعليقاً على «الخطّة البيئية» التي ستكبّد الاتحاد مصاريف إضافية.