منذ انتخابه بابا للكاثوليك عام 2005، لا يفوّت بنديكتوس السادس عشر فرصة ليبرهن عن حبّه لليهود وإعلاء هدف «المحافظة على علاقة طيّبة مع إسرائيل» فوق كل اعتبار، بالإضافة إلى مساواته الجلّاد (الإسرائيلي) بالضحية (الفلسطيني) في دعواته المتكررة إلى «حلّ الخلاف بين المتخاصمين» ونبذ «العنف الذي يمارس بحقّ اليهود الآمنين».ويوم أمس، كشف المتحدث باسم الفاتيكان، بيتر غانبل، عن أنّ البابا لم يوقّع مرسوم «إعلان فضائل البابا بيوس الثاني عشر»، المتهم بالصمت إزاء المحرقة عندما «لم يتّخذ إجراءات كافية لحمايتهم من النازية»، وذلك «حرصاً على علاقات جيّدة مع اليهود».
وأشار غانبل إلى أنّ «المرحلة الضرورية لتطويب البابا الراحل (بيوس) انتهت، ولم يكن ينقصها إلا توقيع البابا، لكنّ الأخير قرر في هذه الأثناء تجميد التوقيع».
ودخلت قضيّة تطويب بيوس الثاني عشر لتمثّل عثرة أمام زيارة بنديكتوس إلى الأراضي المحتلة. وفي السياق، قال غانبل إن بنديكتوس يرغب في زيارة إسرائيل «في أسرع وقت ممكن، لكنّه لن يتمكن من القيام بذلك ما دام هناك كلام معلّق تحت صورة لبيوس الثاني عشر في متحف المحرقة ياد فاشيم في القدس (المحتلة) يمثّل تزويراً حقيقياً للتاريخ».
وكلام غانبل يشير إلى عبارة تذكّر بأنّ بيوس «لم ينضم إلى التنديد الذي عبّر عنه الحلفاء ضد قتل اليهود، وعندما طُرد يهود روما إلى (معسكر الإبادة النازي) أوشفيتز، لم يتدخل»، وكان حينها أسقف برلين.
وأعرب غانبل عن انزعاجه من سلوك حاخام حيفا الكبير، شئير ياشوف كوهين، الذي «استغلّ لطفنا (في دعوته إلى المشاركة للمرة الأولى في أعمال المجمع الفاتيكاني قبل 10 أيام) وهاجم بيوس الثاني عشر ثلاث مرات».
ويتزامن إعلان غانبل مع رفض تل أبيب تطويب بيوس قديساً؛ فقد أوضح مدير قسم الإعلام الإسرائيلي في وزارة الخارجية، يوسي ليفي، أنه «ما دامت الأرشيفات في الفاتيكان مغلقة، فإن مسألة التعامل مع سلوك بيوس الثاني عشر ستبقى مفتوحة ومؤلمة».
غير أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية أكدت أنّ الدعوة التي أُرسلت إلى بنديكتوس ما زالت مفتوحة، وأنه «لا يزال شخصية مرغوباً فيها في إسرائيل». حتى إن رئيس الدولة العبرية، شمعون بيريز، أصرّ على حصول الزيارة، بغضّ النظر عن شرط الفاتيكان إزالة العبارة من متحف المحرقة. ورأى بيريز أنّ «زيارة قداسته ضرورية، ويجب أن تحصل، بغضّ النظر عن الخلافات التاريخية».
وبالإضافة إلى أزمة البابا الراحل، فلا تزال هناك أزمة أخرى تخيّم على العلاقات بين الفاتيكان وإسرائيل، وتتعلّق بمكانة الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي المقدسة، ومنح تأشيرات دخول إلى إسرائيل لرجال الدين المسيحيين.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، الأخبار)