لا شك أن باراك أوباما هو «نجم» الصحف الأميركية، بعد مبايعات «واشنطن بوست» و«لوس آنجليس تايمز» و«شيكاغو تريبيون». لكن لـ«نيويورك تايمز» حكاية ثانية معه لا تتحدّث عن مبايعة، بل عن هجمات متكرّرة ضدّ خصمه بعد مبايعته
شهيرة سلّوم
سارعت الصحف الأميركية في الآونة الأخيرة إلى مبايعة المرشح الديموقراطي باراك أوباما، وأول من أمس كان دور «ديترويت فري برس» و«نيويورك دايلي نيوز». أما «نيويورك تايمز»، إحدى أكبر المؤسسات الإعلامية الأميركية في العالم، فبقيت صامتة، فهي سبق أن أعلنت تأييدها للجمهوري جون ماكاين في الانتخابات التمهيدية، لكنّها عادت واعتمدت تكتيكات هجومية ضدّه ربما كي تتنصّل من مبايعته.
فقد أعلنت الصحيفة اختيارها لماكاين في أواخر كانون الثاني، معتبرةً أنّ اختيارها كان «سهلاً» فهي لا توافق على سياسة أيّ من المرشحين الجمهوريين الآخرين، رودولف جولياني ومايك هكابي وميت رومني، ليس لديهم خطة لإخراج الجنود الأميركيين من العراق، فهم منغمسون جداً في النظريات الاقتصادية التي لا تتمتع بصدقية، وغير مستعدّين لفك ارتباطهم بسياسة الرئيس الجمهوري جورج بوش. وخلصت إلى أنّ مواقفه لا تجعل منه معتدلاً، إلا أنّه أفضل خيار للحزب كمرشح رئاسي.
ورغم مبايعتها لماكاين، فإنّ ذلك لم يمنعها من إثارة قضايا لا تصبّ في مصلحة حملته الرئاسية، ما دفع المرشح الجمهوري إلى اتهامها بالعمل ضدّه خدمة لمنافسه.
ففي شباط، طرحت الصحيفة موضوع امتثال ماكاين للمعايير الأخلاقية، فاضحةً علاقة عاطفية له مع فيكي أيزمن التي تعمل مع إحدى جماعات الضغط، ما أثار الموضوع ردّة فعل غاضبة حتى من قبل المحافظين والمتشدّدين في الحزب، الذين يعارضون بعض توجهات ماكاين، على الصحيفة.
ولمّا أراد ماكاين الردّ على مقال لخصمه لديها عرض خلاله سياسته من الحرب على العراق، رفضت الصحيفة نشر مقاله، بحجة أنّه لا يقدّم جديداً، فيما برّرت نشر مقال أوباما بأنّه عرض معلومات جديدة، وناقش سياسة ماكاين، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما تطرّق إلى تفاصيل خطته، ناصحةً المرشح الجمهوري بأن يحذو حذو منافسه الديموقراطي.
وحين اختار ماكاين سارة بالين مرشحة لمنصب نائب رئيس، انتقدت اختياره «غير الصائب»، متساءلةً ما إذا كان اختياره عن سابق تصوّر وتصميم، فهذا «يُثير تساؤلات عن حكمه على الأمور، أما إن كان حركة تكتيتكية فهي غير مسؤولة».
وليس ببعيد، وصفت الحملة الجمهورية «نيويورك تايمز» بـ«صحافة المجارير» وذلك إثر كتابتها مقالاً عن ماضي سيندي ماكاين، زوجته الثرية التي أدمنت المسكّنات وتورّطت في فضائح سرقة واحتيال.
واستهلت الصحيفة مقالها ساخرةً «في كلّ محطة انتخابية، يقدّم ماكاين زوجته على أنّها الشخص الذي يتساءل الجميع حولها، لماذا لا تكون هي المرشحة». وتابعت «لكن منذ أشهر، لم يكن ليصدق أحد، ومن ضمنهم ماكاين، أنها تستطيع أن تؤدّي دوراً مؤثّراً في الحملة الرئاسية».
ثم تستفيض الصحيفة في وصف مؤثرات سيندي وتاريخها، مُثيرة بعض الملفّات الحساسة كفضيحة سرقة مسكّنات أدمنت عليها من الجمعية الخيرية التي كانت تديرها، وفضيحة «كايتينغ فايف» للقروض والمدّخرات.
وأخيراً، أعلنت الصحيفة أن مهمة فوز ماكاين بالرئاسة أصبحت شبه مستحيلة، وربما يكون أمله الوحيد هو خطأ يرتكبه أوباما أو حصول أزمة متعلقة بالأمن القومي.