باريس ـ بسّام الطيارةغداة المحادثات «الاستثنائية» بين الاتحاد الأوروبي والحكومة العسكرية المنبثقة عن انقلاب موريتانيا، يتبيّن بوضوح أنها وصلت إلى طريق مسدود، وأن محاولة إخراج هذا الفشل بشكل «مهلة أعطيت للعسكريين للإجابة عن ستة أسئلة»، كما صرح مصدر دبلوماسي مسؤول، ليست إلا للتعتيم على فشل الأوروبيين بفرض تراجع «دراماتيكي» على الحكومة العسكرية، رغم التهديد بفرض عقوبات شديدة عليها. فشل تجلّى أكثر مع رفض قائد الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز المطالب الأوروبية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إيريك شوفاليه، إن «الاتحاد الأوروبي سيخفض إلى أقصى الدرجات التعامل مع الحكومة التي عيّنها الجيش، وسيقدم فقط المساعدات الإنسانية المباشرة للشعب الموريتاني». وكان بيان الخارجية الفرنسية، أول من أمس، قد وصف المقترحات التي قدمها الوفد بأنها «غير دستورية على الإطلاق».
وأكدت مصادر عديدة لـ«الأخبار» أن «الأجوبة لم تكن مرضية أبداً لمن أراد الخروج بحلٍّ اليوم»، مستطرداً أن إعلان «الإنذار هو بمثابة مهلة للوصول إلى حل».
وترى بعض الأوساط المراقبة أنه يمكن للحكومة المعيّنة من العسكريين «إرضاء الأوروبيين بإطلاق سراح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله». إلا أن مصدراً مقرباً من الملف أفاد بأنه «تم تجاوز إطلاق الرئيس خلال المحادثات، بعدما قبل الفريق الموريتاني هذا المطلب من حيث المبدأ».
وأكدت مصادر متقاطعة من الطرفين أن «نقطة الخلاف كانت على المرحلة المقبلة ودور المجلس الأعلى للدولة». ويمكن تلخيص الخطوط العريضة التي جرى تناولها بالشكل الآتي: التوافق على إطلاق سراح الشيخ، على أن يتم ذلك بالتوافق مع دعوة إلى انتخابات عامة في غضون ثلاثة أشهر (طالب الموريتانيّون بأن تقتصر على شهر)، بحضور مراقبين دوليين. ولكن، أثارت مطالبة الأوروبيين بمنع أعضاء المجلس الأعلى للدولة من الترشح أول عقبة، تبعتها عقبة ثانية تمثلت في مطالبة الموريتانيين بـ«زيارة لوزير أو مسؤول رسمي أوروبي» إلى نواكشوط لإظهار «حسن النية». إلا أن الأوروبيين رفضوا من جهتهم «الزيارة والرئيس في السجن»، من دون أن يستبعد شوفاليه «مبدأ الزيارة».
ويرى مراقب عربي في باريس أن نتيجة اللقاء جاءت في مصلحة الوفد الموريتاني، إذ إن الاجتماع «اعترف بواقع الحكومة الانقلابية من جهة، ودلّ على أنّ الأوروبيين لا يزالون يستطيعون مخاطبة الحكام الجدد في نواكشوط»، مستبعداً «عدم الوصول إلى نتيجة ترضي الطرفين خلال شهر الإنذار»، وخصوصاً أن «باريس لم تكن تنظر بعين الرضى إلى الرئيس المخلوع الذي وصل بأصوات إسلامية».