رغم كل ما يحكى عن إيجابية في اللغة الخطابية السائدة والتقارب بين واشنطن وطهران هذه الأيام، تشير النشاطات التجسّسية الأميركية على الحرس الثوري الإيراني في الخليج إلى أن العلاقة بين البلدين لا تزال ملتبسة
طهران ــ محمد شمص
أعلنت إيران، أمس، أن قواتها تعمل على تسليح «جيوش الحرية في المنطقة»، في وقت أكد فيه وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال نائب قائد مليشيا التعبئة الإيرانية (الباسيج)، حسين حميداني، أمس «اليوم أصبحت قواتنا المسلحة مكتفية ذاتياً، وليس ذلك فحسب، بل إن جيوش الحرية في المنطقة تحصل على جزء من أسلحتها منا».
أما ولايتي، الذي يتولى اليوم منصب مستشار المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، فقال إنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران 2009. ونقلت وكالة الأنباء العمالية الإيرانية عن ولايتي قوله «لا أنوي المشاركة في الانتخابات المقبلة».
في هذه الأثناء، ربطت مصادر إيرانية بين الزيارة المفاجئة التي يقوم بها مساعد الرئيس محمود أحمدي نجاد، اسفنديار مشائي، إلى نيويورك، وبين أنباء عن رسالة سريّة بعث بها الرئيس الأميركي جورج بوش إلى نظيره الإيراني.
الرسالة، التي لم يكشف عن محتواها، لم تؤكدها أو تنفها طهران حتى وقت متأخر من ليل أمس، بينما يعتقد أنها على صلة بموضوع فتح مكتب لرعاية المصالح الأميركية في طهران، الأمر الذي ترفض طهران التعليق عليه.
وكانت صحف أميركية قد كشفت عن أن إدارة البيت الأبيض ستتخذ قراراً حاسماً بشأن العلاقات الدبلوماسية مع إيران في شهر تشرين الثاني المقبل، وبعد إجراء الانتخابات الأميركية، لكنها لا تزال تنتظر جواباً من طهران.
ويرى المحافظون، وفي مقدّمهم رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني والكتل البرلمانية الموالية، أن طلب فتح المكتب خديعة أميركية. وذهب بعضهم إلى حدّ اعتباره «استكمالاً لأعمال الأميركيين التجسّسية على إيران»، وأن «القبول بهذا القرار هو بمثابة التخلّي عن مبادئ الثورة وقيمها».
ومع ذلك، لا ترفض طهران الحوار مع الإدارة الأميركية، حسبما يقول النائب المحافظ حسين ابراهيمي، الذي يضيف «صحيح أننا ننفي وجود مفاوضات مع الأميركيين، لكننا لا نرفضها ونحن مستعدون لذلك، والنظام الوحيد في العالم الذي نرفض الحوار معه هو النظام الصهيوني».
وحول الهدف من وراء فتح مكتب لرعاية المصالح الأميركية، يوضح عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى «أن الهدف من هذا المكتب هو نشاط سياسي وليس تسهيلاً لتأشيرات أو معاملات آلاف الإيرانيين المقيمين في أميركا كما يدعّي الأميركيون».
من ناحيته، التقى مشائي خلال زيارته إلى نيويورك الجالية الإيرانية، وقال أمامها إن «الإمبراطورية الأميركية ستسقط، لكن هذا لا يعني سقوط أميركا أو الشعب الأميركي، بل سقوط الهيمنة الأميركية».
وفي السياق، أفادت معلومات صحافية عن تكثيف القوات الخاصة الأميركية نشاطاتها التجسسية في منطقة «غور الشيطان» قرب الحدود الإيرانية ـــ العراقية. وأضافت أن القوات الأميركية نقلت زوارق حربية سريعة ومعدّات عسكرية وإلكترونية قرابة سواحل السالمية والأحمدي الكويتية المطلة على الحدود العراقية ـــ الإيرانية، كما زرعت في هذه المنطقة أجهزة تجسس وتنصّت لرصد تحركّات قوات الحرس الثوري.
وأعلن نائب قائد الجيش الإيراني، اللواء عبد الرحيم موسوي، قيام القوات الجوية والبرية بمناورات صاروخية في مناطق سمنان وأصفهان. وأضاف أن المناورات تمّت بنجاح و«تنافست فيها القوة الصاروخية البرية مع القوة الصاروخية الجوية على إطلاق الصواريخ والسرعة في التحرك والتمويه، والقدرة على المناورة والتشويش على أجهزة العدو الوهمي، واعتراض الصواريخ».
على صعيد آخر (أ ف ب)، ذكرت وكالة «اسنا» الإيرانية للأنباء أن البرلمان سيصوّت في 4 تشرين الثاني على مذكرة لعزل وزير الداخلية علي كردان بعدما اعترف بأنه يحمل شهادة مزوّرة من جامعة أوكسفورد. ونقلت الوكالة عن مسؤول برلماني قوله إن «كردان سيواجه التصويت على عزله في الرابع من تشرين الثاني».
إلى ذلك، أعلن وزير الثقافة الإيراني، محمد حسين صفر هارندي، أن «نجاد في صحة جيدة وقد تعافى من وعكة ناجمة عن الإجهاد في العمل». وقال للصحافيين «إنه في صحة جيدة، أفضل مني». إلا أنه أقرّ بأن نجاد (52 سنة) تعرّض مراراً لوعكات «وأنه يتعرض لذلك بسبب مبالغته في العمل».
وألغى نجاد خطاباً كان مقرراً أن يلقيه الأربعاء في طهران، بسبب وضعه الصحي.