بعد أقل من شهرين على استقباله الرئيس بشار الأسد في باريس، ردّ نيكولا ساركوزي الزيارة، لكن من دون كارلا بروني، التي انتظرها السوريون بحرارة
باريس ــ الأخبار
كثير من الإعلاميين الذين جاؤوا لتغطية الزيارة، يطأون أرض عاصمة الأمويين للمرة الأولى. مراسلة «فانيتي فير» الإيطالية تعترف بأنها «لم تأتِ لتغطّي الحدث سياسياً»، ولكنها رغم ذلك تُقر بأنّ المناسبة حدث تاريخي، وأنّ سوريا في «عين الحدث هذه الأيام»، قبل أن تضيف «ومن يدري؟ لعلّني أستطيع الحصول على مقابلة مع السينيورا أسماء (الأسد)». وعندما يسألها زميل لها عما إذا كانت قد حصلت على موافقة وموعد مسبقين، تضحك وتجيب بلهجة إيطالية «إن شاء الله».
كبريات الصحف الفرنسية ومحطات التلفزة أوفدت كبار مراسليها. بعضهم سبق وعرف دمشق «في ظروف مختلفة»، وبعضهم الآخر مغتبط للفرصة التي «تسمح له بتكوين فكرة بعيداً عن التشويش الإعلامي اللبناني».
عدد من المتخصّصين في الشؤون العربية يرون في الزيارة «بداية فرنسية لديناميكية إعادة نفوذ الأم الحنون في سوريا»، وهو رأي كريستيان شينو من إذاعة «فرانس أنتير»، المتخصص في شؤون المنطقة منذ أكثر من عقد ونصف (وهو رهينة سابق في العراق).
ويرى شينو أنّ فرنسا بدأت تنظر إلى سوريا «من خارج النافذة اللبنانية»، رافضاً ما يذهب إليه بعض الزملاء الآخرين من أن «حلحلة الأزمة اللبنانية وتوقف الاغتيالات» كانا وراء انفتاح بلاده على دمشق.
غير أنّ هذا الرأي لم يمنع العديد من أهل الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية المرافقين من الإشارة إلى أنه «لا يمكن حشر علاقة فرنسا بسوريا في زواريب الملف اللبناني فقط». ودعا أكثر من صحافي تحدث مع «الأخبار» إلى النظر إلى «ما يمكن أن يجنيه ساركوزي إذا نجح مثلاً في دفع ملف السلام في المنطقة».
ويعارض آخرون هذا التحليل بقولهم إنّ «الوقت الضائع ينتهي مع الانتخابات الأميركية» المقبلة، وبالتالي فإنّ «حماوة اللقاءات الفرنسية ــــ السورية» ستبرد مع الوقت «إلا إذا حصل تقدم سريع». ويمكن القول إنّ نسبة الذين لا يثقون بإمكان «الوصول إلى توافق» مع الأسد هي الأكبر في أوساط الحضور الإعلامي الفرنسي، كما كان الغياب المميّز لأي تمثيل للصحافة الخليجية (على غرار ما حصل في القمة العربية في آذار الماضي) مدار حديث وتساؤلات فسّرها بعض «المتشائمين» بأنها ظاهرة تعبّر عن «عدم رضى عن توجهات ساركوزي الانفتاحية المتسارعة».
إلا أن أجواء الطائرة التي أقلّت الإعلاميين تميل إلى تفضيل «خيار التريّث» وانتظار نتائج الاجتماعات، وخصوصاً في ظل ما بان «من انفتاح في التنظيم»، تجسّد بقبول مراسلي صحافة إسرائيلية من حاملي جوازات السفر الفرنسية.
وبينما رأى البعض في هذه البادرة «إشارة قوّة» من سوريا، فقد حلّلها آخرون بأنها «طبيعية» في ظل المفاوضات غير المباشرة القائمة مع إسرائيل في تركيا. أمّا «البريئون»، فقد نظروا إلى الموضوع بعين «التطبيق الحرفي للقوانين» التي تسمح لحاملي الجنسية الفرنسية بالدخول مع وفد بلادهم الرئاسي من دون النظر إلى ما وراء أفق الجنسية.
ولم يقتصر الوفد المرافق على الصحافة، فقد دُعي عدد من الناشطين في العلاقات العربية ــــ الفرنسية (وزير الخارجية الأسبق هيرفي دو شاريت الذي يرأس غرفة التجارة العربية، والأمين العام لحزب الأكثرية الشعبية الحاكم باتريك ديفردجيان، وكريستيان إستروزي وهو وزير سابق إلى جانب جيرار بابت، الذي يرأس مجموعة الصداقة الفرنسية ــــ العربية، إلى جانب عضو مجلس الشيوخ فيليب ماريني).
وقد لفت الانتباه أيضاً مرافقة رئيس معهد العالم العربي دومينيك بوديس، ورئيس مجلس إدارة متحف اللوفر هنري لواريت. أما بالنسبة إلى «المرافقة الاقتصادية»، فقد اقتصرت على حضور رئيس مجلس إدارة شركة «توتال» كريستيان مارجري، وصاحب شركة الشحن البحري cmcgm جاك سعادة.