انطلق «حوار بوليفيا» في مدينة كوشابامبا، بين إيفو موراليس ومعارضيه المناطقيين لحلّ معضلتين: توزيع الموارد الماليّة للولايات والتوفيق بين شرع المناطق والدستور الجديد. موراليس يبدو الأقوى والمعارضة أرهقت نفسها
بول الأشقر
دشّن الرئيس البوليفي إيفو موراليس أول من أمس طاولة الحوار مع رؤساء المحافظات المعارضين، الذين حضروا باستثناء محافظ ولاية باندو، ليوبولدو فرنانديز المعتقل بتهمة التحريض على القتل، الذي رفض القضاء طلب إخلاء سبيله.
وحضر الاجتماع الذي ظلّ مغلقاً أمام كاميرات الإعلام (إلا التقاط الصور)، مندوبون عن كلّ قطاعات المجتمع البوليفي، إضافة إلى ممثلين عن كنائس البلد ومجمل المنظمات الإقليمية والدولية.
وُخِّصص اليوم الأول لتحديد آلية العمل، وطالب موراليس بعمل دؤوب لا يتوقف حتى إنجاز جميع المواضيع المطروحة في مهلة لا تتخطى الشهر. وكان موراليس قد وعد بتعليق الدعوة إلى استفتاء الدستور الجديد، لمدة شهر قابلة للتمديد.
وتدور المفاوضات بشأن موضوعين أساسيين: مسألة موارد الولايات المالية وتحديداً موارد الغاز الطبيعي التي سبق للحكومة أن حجزت ثلثها لتمويل برنامج اجتماعي يحمل اسم «عزَّة» ويؤمّن لكل المسنين حداً أدنى من الدخل. وقد تستعيد الولايات مواردها إثر المفاوضات، في مقابل تخصيص بند في موازناتها لتأمين «عزّة» مسنّيها.
أما النقطة الثانية الخلافية، فهي التوفيق بين الشرع المناطقية التي جرى تبنيها في استفتاءات محلية، كانت السلطة المركزية تشكك في شرعيتها، وبين الدستور الجديد.
وفي قراءة عدد من المراقبين، فإنّ الحكومة قد تقبل بصيغة للحكم الذاتي على مستوى الولايات، بعد «تشحيل» بعض صلاحياتها «الفاجرة»، وتقوم بتعديل «مرن» في مشروع الدستور الجديد، في مقابل أن تطالب بلا مركزية موازية على مستوى «أقضية» الولايات، وهو توازن صار ضرورياً بعدما كرّس موراليس ولايته في الاستفتاء الأخير الذي تمحور حول بقائه في السلطة، وحقق فيه نتائج كاسحة بنيله ثمانين في المئة من موافقة مواطني الأقضية، وبأصوات ولايتين ونصف ولاية من الولايات الخمس المحسوبة على المعارضة.
وخارج قاعات التفاوض، نجح موراليس في ضمّ الاتحاد العمالي العالم إلى النقابات الفلاحية والحركات الاجتماعية الموالية له. ولا تزال النقابات الفلّاحية تحاصر مدينة سانتا كروز، عاصمة المعارضة وأكبر وأثرى المدن منذ أسبوع، بهدف إعادة المباني الرسمية التي جرى احتلالها في أحداث وُصفَت بأنها كانت «حرباً أهلية مصغّرة» راح ضحيتها عدد من القتلى.
ويرى كثيرون أنّ اقتراب موعد انعقاد المعرض الاقتصادي السنوي، إحدى واجهات المدينة الاقتصادية، قد يسرّع في إيجاد حلّ بين المتحاورين. وفي السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المعارضة ــ المنوعة بتنوّع مناطقها ــ خرجت من المواجهة الكبيرة التي فجّرتها أخيراً ضدّ الحكم المركزي، أكثر ضعفاً، وخصوصاً أنّ رأي عام مناطقها المرهق اقتصادياً يعاني نوعاً من الإحباط، يُضاف إلى خلافات بدأت تظهر بين مكوّناتها، على قاعدة متطرفين ومعتدلين، أو قل بين عقائديين وبراغماتيين.
كما أثارت «الحركة الاحتجاجية» للمعارضة سخط جميع أنظمة أميركا الجنوبية بسبب لجوئها إلى العنف وتوسّلها العنصرية، وهو ما ظهر بوضوح الأسبوع الماضي خلال قمة سانتياغو لزعماء دول القارة.