للمرّة الأولى في التاريخ الألماني الحديث، تهتز التحالفات الحزبية بعنف، مع إعلان نتائج الانتخابات في ولاية بافاريا عن تراجع في شعبية الحزب المسيحي الاجتماعي وتقدم في شعبية أحزاب اليسار والوسط
برلين ــ غسان أبو حمد
تعرّض الحزب المسيحي الاجتماعي (اليميني المحافظ)، لأكبر هزيمة سياسية في تاريخ سيطرته الطويلة على الحكم بالغالبية المطلقة في ولاية بافاريا، وهذا يعني في أبسط وأسرع تحليل، اهتزازاً قوياً لزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، وتبدلاً واضحاً في خريطة الحكم السياسي في ألمانيا.
وكشفت النتائج الانتخابية، التي جرت في بافاريا أول من أمس، عن تراجع في شعبية الحزب المسيحي الاجتماعي وعدم قدرته على تجاوز نسبة 43.4 في المئة من أصوات الناخبين، أي بتراجع يقدر بنسبة 17 في المئة من الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات المحلية في الولاية نفسها قبل نحو خمس سنوات (عام 2003).
وتشير النتائج إلى أن هذا الحزب اليميني التقليدي المحافظ سوف يكون مضطراً للبحث عن حليف جديد بين أحزاب الوسط السياسي (يرجح أن يكون الحزب الليبرالي الحرّ) أو حزب البيئة (الخضر). كذلك يعني اهتزازاً في شعبية التجمع المسيحي الحاكم وربما تبدلاً جذريّاً في التحالفات الانتخابية المقبلة بعد عام (أيلول عام 2009)، بعد ارتفاع شعبية أحزاب اليسار؛ «الحزب اليساري» (الشيوعي سابقاً) والحزب الاشتراكي الديموقراطي، وهو الحزب المنافس مداورة على حكم البلاد.
ولم تكد تمضي ساعات قليلة على صدور النتائج، حتى بدأت الاهتزازات في هيكلية الأحزاب الألمانية عامة، وتصفية الحسابات الداخلية بين أعضاء الحزب المسيحي الاجتماعي المهزوم مرفقة بعروض تقديم الانسحابات، وخصوصاً بين القياديين داخل هذا الحزب.
بداية، سارع رئيس الحزب المسيحي الاجتماعي، أرفين هوبر، إلى تطويق تداعيات الهزيمة، فعقد اجتماعاً طارئاً للمجلس الأعلى للحزب في مدينة ميونيخ، وخرج على أثره ببيان نفى فيه وجود استقالات داخلية. وأكد عبر شاشات التلفزة الألمانية «أن قيادة الحزب رفضت استقالة الأمينة العامة كريستين هادرتهاور، وهي تراجعت عن استقالتها السريعة التي قدّمتها يوم الأحد فور إعلان النتائج الانتخابية».
وفي تحليل سريع للأسباب التي أدّت إلى تراجع شعبية الحزب المسيحي الاجتماعي، يتبيّن أن سوء إدارته في السنوات الخمس الماضية، وتحديداً سوء إدارته للشأن الاقتصادي في ولاية تقوم على أرضها أكبر المصانع الألمانية الضخمة (سيارات وآليات وتكنولوجيا..)، ألحقت خسائر واضحة في مسار النمو الاقتصادي العام. ويذهب بعض المحللين إلى اعتبار انعكاسات السوق المالية ويوم «البورصة» الأسود قبل أسابيع، كلها من العوامل التي أدت إلى تراجع شعبية الحزب، إضافة إلى المشاحنات والخلافات الدائمة في وجهات النظر بين قيادات الحزب حول طريقة معالجة الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي الانعكاس السلبي العام على وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد.
ويذهب بعض المحللين إلى ذكر بعض الأسباب التي تبدو غير مقنعة لبساطتها، لكنها تؤدي إلى انعكاسات سلبية قوية في «الولايات اليمينية التقليدية». ومن هذه الأسباب، الخلافات بين القياديين في الحزب حول تنظيم شروط السير والنقاشات التي دارت بينهم في المهرجانات الشعبية، حول «إجازة قيادة السيارة في حال احتساء ليترين من الخمر»، ولاحقاً حسم الخلاف في قيادة هذا الحزب باتفاق تافه يقضي «بإجازة قيادة السيارة شريطة عدم احتساء ليتري الخمر دفعة واحدة... بل على دفعات».


لم تكد تمضي ساعات على إعلان النتائج، حتى بدأت تصفية الحسابات بين أعضاء الحزب المسيحي الاجتماعي المهزوم، الذي سارع رئيسه، أرفين هوبر، إلى تطويق تداعيات الهزيمة، فعقد اجتماعاً طارئاً، وخرج ببيان نفى فيه وجود استقالات داخلية