موسكو ــ حبيب فوعانييبدو أن البرنامج النووي الإيراني هو الشغل الشاغل هذه الأيام لحركة المشاورات الدولية التي نشطت على خط تل أبيب ــــ واشنطن، وتمددت لتصل إلى موسكو، حيث يجري رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الجنرال داني أرديتي، مباحثات مع نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف.
وتسعى تل أبيب، من خلال هذه الزيارة التي بدأت أمس، إلى تشديد العقوبات الدولية على طهران في حال رفض الأخيرة إيقاف تخصيب اليورانيوم، وكذلك عرقلة صفقة تزويد إيران بمنظومات صاروخية روسية للدفاع الجوي بقيمة مليار و400 مليون دولار.
لكن مصادر مطلعة أكدت أن هذه الزيارة لموسكو تحمل طابعاً استطلاعياً لجسّ نبض المسؤولين الروس لمدى إمكان تغاضيهم عن قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية، ولا سيما أن هذه الزيارة تأتي إثر مباحثات أجراها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الاثنين الماضي في واشنطن، سبقتها محادثات مماثلة هناك أجراها رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكينازي، للحصول على «ضوء أخضر» لمهاجمة إيران.
ومن المستبعد أن يكون مجلس الأمن القومي الروسي، الموقع المناسب، أو أن يكون التوقيت ملائماً، لحصول المسؤول الإسرائيلي على «كارت بلانش» روسي للهجوم. إذ لم تُحل حتى الآن قضية المقدّم الإسرائيلي المتقاعد، يائير كلاين، الذي اعتقل في موسكو قبل تسعة أشهر بموجب مذكرة من الإنتربول وبطلب من كولومبيا.
وتأتي هذه الزيارة أيضاً في ظل برودة تشوب العلاقات الروسية ــــ الأميركية بعد تصريحات المرشّح الرئاسي الأميركي، جون ماكاين، التي دعا فيها إلى فصل روسيا عن مجموعة «الثماني الكبرى» إذا «لم تحسّن سلوكها» على الصعيد الدولي. وكان مصدر في الخارجية الروسية قد ردّ على تصريحات ماكاين في موجز صحافي، قائلاً إن أساس العلاقات مع الولايات المتحدة على وشك الانهيار. وهدّد بإيقاف الحوار مع واشنطن إذا كان الجانب الأميركي يريد «تعليمنا كيف نتصرّف، ومن يجب أن نصادق، وأمام من نغلق الأبواب، ومع من ننام!».
وأضاف المسؤول الروسي أن «عواطفنا حيال أميركا آخذة في التلاشي»، مؤكداً أن المسألة الإيرانية هي مشكلة واشنطن.
ومن ناحية أخرى، يبدو تعيين نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي كيسلياك، سفيراً لدى الولايات المتحدة تأكيداً لتأزّم العلاقات بين البلدين ولاستعداد موسكو لمواجهة ظروف القطيعة بينهما.
في هذا الوقت (أ ف ب، يو بي آي)، نقلت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم لوزير الدفاع الإسرائيلي أن الولايات المتحدة لم تتخلّ كلياً عن فكرة شنّ هجوم عسكري على إيران.
وقال المسؤولون في الإدارة الأميركية، خلال اجتماعاتهم مع باراك، إن «خيار مهاجمة إيران على خلفية برنامجها النووي لا يزال على الطاولة، مع العلم بأنهم يسعون في الدرجة الأولى إلى التوصل لحل دبلوماسي».
إلا أن المسؤولين أنفسهم اعترفوا بوجود «اختلاف نادر» في مقاربة الملف الإيراني بين كل من واشنطن وتل أبيب، في ظل تشديد الإسرائيليين على الخيار العسكري.
وذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أبلغ باراك خلال اجتماعه المطوّل معه بأن الولايات المتحدة تعتزم النظر في إمكان إقامة رادار يستطيع كشف الصواريخ الباليستية التي تطلق من إيران، إضافة إلى تقديم أسلحة لها لمساعدتها على مواجهة الهجمات الصاروخية من لبنان وقطاع غزة.
من جهته، حضّ باراك مجلس الأمن الدولي على تبنّي عقوبات جديدة قاسية على إيران. وقال، بعد لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، «شددنا ... على أننا ننتظر تحركاً متماسكاً وملموساً ومنسّقاً من جانب المجموعة الدولية لإنهاء الأنشطة الإيرانية في مجال التكنولوجيا النووية العسكرية».
وأضاف باراك أنه يرى أن من الضروري «البحث بجدية» في إمكان شنّ عملية عسكرية على إيران، لكنه لم يخف أنها ستؤدي إلى «عواقب يتعيّن أخذها بالاعتبار».