القوات الروسية تنسحب من غوري اليوم وأوسيتيا وأبخازيا يوقعان على «المبادئ الستة»التوترات الميدانية بين جورجيا وروسيا على حالها، وتتزامن مع تصعيد في اللهجة بين موسكو وواشنطن، ينبئ بأن «الصداقة بينهما» باتت من الماضيصعّدت موسكو لهجتها تجاه الولايات المتحدة، محذّرة من أن أي دعم تقدمه إلى جورجيا من شأنه أن يؤدي إلى «تكرار السيناريو المأساوي» في أوسيتيا الجنوبية، بالتزامن مع بدء وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مهمتها في فرنسا، على أن تنتقل إلى تبيليسي لدعم النظام، فيما حذّر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس من إعادة النظر في العلاقات مع روسيا، مستبعداً التدخل العسكري، فيما لم تغادر القوات الروسية مدينة غوري كما كان متفقاً عليه. إلاّ أن الأهم، كان توقيع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على المبادئ الستة الذي جرى التوصل إليها بوساطة فرنسية.
وقال غيتس، في مؤتمر صحافي في البنتاغون، «لا أرى أي احتمال لاستخدام الولايات المتحدة القوة العسكرية في هذا الوضع»، مضيفاً أنه يعتقد أنه على روسيا «توقّع بعض العواقب بسبب هجماتها على جورجيا»، قائلاً إن «الأيام والأشهر المقبلة ستحدد المسار المستقبلي للعلاقات الأميركية ــــ الروسية»، مشيراً إلى إمكان إعادة النظر في العلاقات بين البلدين.
موقف أميركي قابله تحذير روسي، إذ أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أندري نيستيرينكو، أنه «يأمل أن تبدي واشنطن في جميع تصرفاتها موقفاً مسؤولاً واهتماماً حقيقياً في تجاوز آثار الكارثة الإنسانية التي حلّت بأوسيتيا الجنوبية بسبب العدوان الجورجي»، فيما أبدت رئاسة الأركان الروسية قلقها من طبيعة المساعدات التي تنقلها الولايات المتحدة إلى جورجيا.
في هذا الوقت، كانت باريس تستقبل رايس في بداية «مهمتها» التي كلّفها بها الرئيس الأميركي جورج بوش. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بعد لقائه الوزيرة الأميركية، إن رايس ستتوجه إلى جورجيا «حاملة عدداً من الوثائق»، من شأنها أن «ترسخ وقف إطلاق النار»، وتحمل على «بدء انسحاب القوات الروسية»، فيما أشارت رايس إلى أن «الوقت حان لإنهاء النزاع» في جورجيا.
وفي إطار الوساطات أيضاً، زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تبيليسي لدعمها، قائلاً إن بلاده «تسعى إلى توثيق علاقاتها مع هذه الدولة».
وأضاف «جورجيا تمتلك أهمية استراتيجية في القوقاز، ويجب علينا أن نفعل ما في وسعنا للمساعدة».
وفي تطور سياسي إيجابي يدعم وقف إطلاق النار، وقّع رئيسا أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكويتي، وأبخازيا سيرغي باغابش، المبادئ الستة لتسوية النزاعين الجورجي ــــ الأوسيتي، والجورجي ــــ الأبخازي، بحضور الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، الذي قال «لقد أعلنت تلك المبادئ وانضمت الحكومة الجورجية إليها في ما بعد مع تعديل معيّن في البند السادس».
وقال مدفيديف، خلال استقباله كوكويتي وباغابش، إن «روسيا ستدعم وستضمن أي قرار تتخذه أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، بشأن مستقبلهما». وأضاف، مخاطباً الزعيمين، «لقد دافعتم عن أرضكم. الحقيقة إلى جانبكم، لهذا انتصرتم بمساعدة كتيبة حفظ السلام الروسية المعززة». وقال «أعتمد على الموقف البنّاء لشركائنا، أو إنهم لا يعرفون إلا أن يرسلوا أسلحة إلى جورجيا؟».
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن «وحدة الأراضي الجورجية محدودة بحكم الأمر الواقع، وهذه المسألة لا يمكن تسويتها إلا عبر البحث عن طرق مقبولة من الطرفين». وأضاف «لا نتمنى انهيار جورجيا. لكن الوضع الفعلي الذي نشأ حالياً، هو أن الأوسيتيين والأبخاز لا يودّون العيش في دولة واحدة مع شخص وجّه قواته ضدهم». وأعرب عن انفتاحه تجاه فكرة «رفع عدد المراقبين الدوليين في المنطقتين الانفصاليتين».
ميدانياً، أبقت روسيا على قواتها في مدينة غوري الجورجية التي سمع فيها دوي انفجارات، وشوهد تصاعد أعمدة دخان، فيما عادت قوات أخرى إلى مرفأ بوتي الجورجي.
وأكد متحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية، شوتا أوتياشفيلي، أن «القوات الروسية غيّرت رأيها ولا تغادر مدينة غوري»، موضحاً «أن القوات الجورجية أوقفت توجهها نحو غوري لتفادي الاشتباك مع الروس».
وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية الجورجية، شوتا أوتياشفيلي، أن «القوات الروسية تدمّر كلاًّ من مدينة غوري قرب جمهورية أوسيتيا الجنوبية، ومرفأ بوتي»، موضحاً أن «هناك دوي انفجارات. إنهم يفخّخون المدينة». وذكر مسؤول أميركي، رفض الكشف عن اسمه، أن «القوات الروسية تدمر منشآت عسكرية جورجية أثناء توغلها في البلاد». إلا أن موسكو نفت ذلك.
وفي السياق، أعلن السفير الفرنسي في جورجيا، أريك فورنييه، أن «موسكو تعهدت بسحب جيشها من مدينة غوري الجورجية في 15 آب الجاري»، أي اليوم.
إلى ذلك، استمرّ التصعيد الأوكراني مع تكرار إعلان مسؤول أوكراني رفيع المستوى أن «سفن الأسطول الروسي المتمركزة في البحر الأسود يجب أن تحصل على إذن من كييف كي تعود إلى موانئها في بحر القرم». كما أعلنت هيئة الأركان أن الجيش الأوكراني سيراقب مدى التزام الأسطول الروسي بالقيود التي فرضتها كييف على تحركاته.
وردّ قائد الأسطول العسكري الروسي في البحر الأسود سابقاً، الأميرال فلاديمير كومويدوف، قائلاً إن «الأسطول الروسي لا يتبع لإمرة الرئيس الأوكراني»، موضحاً أن «الاتفاقيات التي وقّعتها روسيا وأوكرانيا تراعي إمكان إخطار الجانب الأوكراني بتنقّلات الوحدات البحرية الروسية في البحر الأسود، لكنها لا تلزم الجانب الروسي تقديم إشعار من هذا النوع بالضرورة».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)