Strong>هو صراع كسب النقاط. ففيما واصلت روسيا سحب قواتها من جورجيا، قابلتها الولايات المتحدة بتوقيع اتفاق الدرع الصاروخية مع بولندا، فما كان من موسكو سوى تحديد جلسة استثنائية للاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية
مع بدء الانسحاب الروسي البطيء من الأراضي الجورجية، واعتراف البيت الأبيض بذلك، رغم إعلان موسكو أن تبيليسي تعيد جمع قواتها، كانت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تقفز مسافات نحو استفزاز الدب الروسي، بتوقيعها اتفاق الدرع الصاروخية مع بولندا، في خطوة ترافقت مع تراجع مجلس الأمن الدولي عن اتفاق النقاط الست التي توصّل إليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف. فما كان من روسيا إلا اعتماد سياسة المعاملة بالمثل، مع إعلان مجلس الاتحاد الروسي استعداده للاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وأعلن نائب رئيس أركان الجيش الروسي، أناتولي نوغوفيتسين، أن «جورجيا تواصل اتخاذ إجراءات لإعادة الانتشار واستعادة القدرات القتالية لقواتها»، مشيراً إلى أن «روسيا ستواصل سحب قواتها من منطقة النزاع، رغم الوضع المعقّد».
وشدّد نوغوفيتسين على أن التوتر في منطقة النزاع «عائد إلى قيام قوات حلف شمالي الأطلسي بإعادة بناء الجيش الجورجي»، واصفاً هذا الأمر بأنه «استفزاز لروسيا». وحذر من أن «القوات العسكرية الروسية قد تتخذ كل التدابير المناسبة».
من جهة أخرى، طالب نوغوفيتسين «بتخصيص مناطق أمن خاصة لقوات حفظ السلام يحظر تحليق الطائرات الجورجية في سمائها، مثل التي حددتها الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي في العراق». وشدد على أن روسيا «لن تقوم بإعادة الأسلحة التي تركها الجانب الجورجي. إنها غنائم حرب».
وأعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن «الولايات المتحدة رصدت إشارات إلى انسحاب للقوات الروسية»، داعياً «موسكو إلى تسريع هذه العملية». كما قال مساعد المتحدث باسم الحكومة الألمانية، توماس ستيغ، إن بلاده «تنتظر أن تنهي القوات الروسية انسحابها من الأراضي الجورجية بحلول منتصف ليل غد».
وفي وارسو، بدت رايس أكثر ثقة، إذ وقّعت ونظيرها البولندي رادوسلاف سيكورسكي رسمياً اتفاقاً ينص على نشر عناصر من الدرع الأميركية المضادة للصواريخ على الأراضي البولندية، بحلول عام 2012».
وجددت رايس تأكيدها أن «هذا سيساعدنا على تطويق التهديدات الجديدة للقرن الحادي والعشرين. تهديدات صواريخ بعيدة المدى من دول مثل إيران أو كوريا الشمالية»، مشددة على فكرة أنه «نظام دفاعي ليس موجهاً إلى أحد». وأضافت «لن تكون هناك حرب باردة ثانية بين روسيا والغرب رغم الأزمة في جورجيا». إلّا أنها أشارت إلى «عدم وجود أي دلائل على انسحاب روسيا من جورجيا»، ما يناقض إعلان البيت الأبيض. أما ألمانيا، فأعلنت على لسان ستيغ، أن «الحكومة ترى أن الدرع الأميركية ليست موجهة ضد روسيا».
وبعد موافقة برلمان أبخازيا على الطلب من روسيا الاعتراف باستقلالها والحفاظ على الوجود العسكري الروسي فيها، أعلن رئيس مجلس الاتحاد الروسي، سيرغي ميرونوف، أن «المجلس مستعد للاعتراف باستقلال جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وسيعقد جلسة استثنائية الاثنين المقبل».
على صعيد آخر، ورغم أن رايس لم تلقَ التأييد الكافي لمطالبها في اجتماع وزراء خارجية حلف الأطلسي، أول من أمس، إلّا أن تأثيرها كان ملموساً في مجلس الأمن الدولي، إذ شنّت الدول الغربية «حملة شعواء ضد موسكو»، واتهمتها بكل أنواع جرائم الحرب بسبب «التلكّؤ في الانسحاب من الأراضي الجورجية». ووصف مندوبو الدول الغربية روسيا بـ«دولة الاحتلال»، واتهموها «بتخريب البنى التحتية عمداً، وإشاعة حالة من الفوضى والنهب، ورفض تطبيق خطة السلام التي تم التوصل إليها مع نيكولا ساركوزي، رئيس الاتحاد الأوروبي الحالي».
وتنكّر مجلس الأمن لخطة النقاط الست، إذ اقتصرت مسوّدة قرار، نوقشت أول من أمس، على فقرة تمهيدية وثلاث فقرات تنفيذية. وطالب مشروع القرار بـ«الانصياع التام والفوري لاتفاقية وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الروسية الفوري إلى حدود ما قبل نشوب النزاع، وعودة القوات الجورجية إلى قواعدها». كما نصّ في الفقرة التمهيدية على تأكيد أهمية «سيادة جورجيا واحترام حدودها المعترف بها دولياً».
إلاّ أن روسيا رفضت ذلك، مطالبة «باعتماد خطة النقاط الست التي تم الاتفاق عليها بين الرئيسين الروسي والفرنسي».
إلى ذلك، تراجعت كييف عن منع سفن الأسطول الروسي التي رابطت عند شواطئ جورجيا من العودة إلى المياه الأوكرانية، إذ أعلن وزير الدفاع، يوري يخانوروف، أن «بلاده لن تعوق عودة سفن أسطول البحر الأسود الروسي التي شاركت في عملية إرغام جورجيا على السلام، إلى سيفاستوبول»،
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)


المحكمة الجنائية «تحلّل» وضع جورجياوقال أوكامبو إن «مكتبي يدرس باهتمام كل المعلومات المتصلة بجرائم تندرج في اختصاصه، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والإبادة، التي قد تكون ارتكبت على الأرض أو من جانب مواطنين في الدول المعنية، مهما كان الأشخاص أو المجموعات التي يشتبه في أنهم نفذوها». وأضاف أن «مكتبي يدرس أيضاً معلومات تتحدث عن هجمات مفترضة على المدنيين»، مذكراً بأن «جورجيا دولة عضو في المحكمة كونها صادقت على معاهدة روما التي نصت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية».
وأوضح البيان أن «مسؤولاً في الحكومة الجورجية قدم معلومات ووفر تعاوناً»، مضيفاً أن «روسيا الفدرالية سلمت رسمياً مكتب المدعي العام معلومات وتواصل القيام بذلك».
وفي 12 آب الجاري، أي بعد أربعة أيام من بدء الهجوم الجورجي في أوسيتيا الجنوبية، أعلن مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية أنه قد «يفتح تحقيقاً أولياً حول النزاع بين جورجيا وروسيا بعد لقائه ممثلين للدولتين».
وكانت المحكمة قالت الأسبوع الماضي إنها «ستعقد جلسات علنية في الفترة من الثامن إلى العاشر من أيلول المقبل، للنظر في طلب جورجيا إصدار أمر لروسيا بوقف ما تصفه تبليسي بأنه انتهاكات لحقوق الإنسان ضد الجورجيين العرقيين».
(أ ف ب)