يبدو أن الديموقراطيين يعملون على رصّ الصفوف من خلال هجوم مفترس على الجمهوريين وإظهار أخطاء إدارتهم. هذا أقلّه ما ظهر من خلال خطب اليوم الثاني لمؤتمرهم القومي، والتي تميّزت بنفحتها اليسارية وكانت هيلاري كلينتون نجمة الساحة
واشنطن ــ محمد سعيد
كرّس اليوم الثاني للمؤتمر القومي للحزب الديموقراطي، أول من أمس، زعامة المرشحة السابقة لانتخابات الرئاسة، السيناتور هيلاري كلينتون، داخل الحزب، حيث صبّت في خطابها جام غضبها على الإدارة الجمهورية، كما فعل باقي المتحدثين أمام المؤتمر، ودعمت بشكل مطلق مرشح حزبها باراك أوباما، الذي يتوّج اليوم رسمياً مرشحاً رئاسياً.
وحثّت هيلاري أنصارها، في خطاب استغرق 23 دقيقة وقوطع بتصفيق حار مراراً عديدة، على التصويت لأوباما. وقالت «أصدقائي، حان الوقت لاستعادة بلادنا، باراك أوباما هو مرشحي، وينبغي أن يكون رئيسنا».
وأكّدت السيدة الأولى السابقة أنّه لا مجال لتبديد صوت، في إشارة إلى المخاوف المتعلّقة بإمكان تصويت بعض أنصارها إلى المرشح الجمهوري جون ماكاين. وشدّدت على وحدة الديموقراطيين كحزب من أجل هدف واحد.
ووصفت ماكاين بأنّه «صديقها وزميلها» خدم البلاد بشرف وشجاعة «لكننا لا نريد أربعة أعوام أخرى من نفس صنف الثمانية الماضية». وأضافت «لا نريد المزيد من الكساد الاقتصادي وتكاليف المعيشة العالية والمزيد من الحروب والقليل من الدبلوماسية». ثم تابعت ثناءها على منافسها السابق، وقالت «نريد رئيساً يفهم أننا لا يمكن أن نحل مشاكل التغير المناخي بمنح شلالات من الأرباح لشركات النفط، بينما نتجاهل فرص الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة». وأشارت إلى أنّ «أوباما بدأ مشواره بالكفاح من أجل العمال وبنى حملته الانتخابية على إيمان راسخ بالتغيير».
ولم تنس هيلاري أن تُثني على زميلها جوزيف بايدن، الذي اختاره أوباما نائباً له، ووصفته بأنه زعيم قوي، أو على ميشيل، زوجة أوباما، التي قالت إنها «ستكون سيدة أولى عظيمة».
وكان لخطاب هيلاري وقعه الكبير على الحزب الديموقراطي وسباقه الرئاسي عبر الدفع نحو مزيد من الوحدة بين أنصار الحزب. وقال مراقبون إنّ كلمتها أمام المؤتمر «بدّدت سحب الغمام التي خيّمت على معسكر الديموقراطيين بسبب المنافسة المريرة بينها وبين أوباما على مدى 19 شهراً منذ بداية الحملة الانتخابية».
وكان أوباما يراقب خطابها من موناتانا ويتفاعل معه بحماسة. وقال إنّها «أدّت عملاً عظيماً، وأوضحت لماذا علينا أن نكون موحّدين في تشرين الثاني المقبل». وبعدما أنهت هيلاري خطابها، اتصل بها وبزوجها الرئيس السابق بيل كلينتون وشكرهما على الدعم.
وتابع الديموقراطيون، في خطبهم أمام المؤتمر، الهجوم على الجمهوريين. وألقى النائب الليبرالي، دينيس كوسينيش، خطاباً نارياً تميّز بنفحة يسارية. وقال إنّ «شركات النفط، ومقاولي الحرب من المحافظين الجدد أمسكوا بالاقتصاد عام 2001 وأضافوا 4 تريليونات دولار إلى الدين القومي». وأضاف «اقترضوا أموالاً كي يضربوا الجسور في العراق وأفغانستان وباكستان، وأموالاً أخرى ليبدأوا حرباً ساخنة مع إيران، بينما تطل حرب باردة مع روسيا في الوقت الذي أصبح فيه الاقتصاد الأميركي لعبة على مائدة الروليت الروسية». وأشار إلى أنّه «لو كانت هناك دورة أولمبية للخداع وسوء الإدارة لحصلت إدارة بوش على الميدالية الذهبية بجدارة، ولضربت رقماً قياسياً عالمياً في انتهاك القوانين المحلية والدولية».
ونادى النائب الديموقراطي «استيقظي يا أميركا، فقد استولت شركات التأمين على الرعاية الصحية، وشركات العقاقير على أسعار الدواء، والمضاربون على وول ستريت ويريدون الآن أن ينقضّوا على الضمان الاجتماعي، واستولت الشركات المتعددة الجنسيات على السياسات التجارية». وحذّر من أنّ «حرباً مع إيران ستعني ارتفاع سعر غالون البنزين إلى 10 دولارات». وأضاف ان «تجار السلاح يريدون المزيد، إذ إن حرباً مع إيران ستضخّ لهم ما بين 5 إلى 10 تريليونات دولار». وقال كوسينيتش إن خطابه «ليس دعوة لكي يغير الأميركيون اتجاههم من اليمين إلى اليسار، بل دعوة للصعود من أسفل إلى أعلى بأجور العمال، وبالتجارة العادلة، وحماية البيئة».
من جهة ثانية، نفت السلطات الفدرالية وجود أي مؤامرة لاغتيال أوباما. وقال المدعي العام الفدرالي تروي إيد «أجرينا تحقيقاً معمقاً، فتهديد مرشح للبيت الأبيض جريمة فدرالية خطيرة جداً، لكن في هذه الحالة لا أدلة كافية على أن هناك مؤامرة ضدّ أوباما». وأوضح إيد أنّ الرجال الثلاثة، الذين اعتقلوا بتهمة التآمر لقتل أوباما، مدمنون على المخدرات وقد أطلقوا خلال استجوابهم تهديدات وشتائم عنصرية ضدّه، لكن «يجب التمييز بين الشتائم العنصرية» ووجود محاولة للتآمر يمكن تصديقها.