باريس ــ الأخبارأما المرحلة الثانية فهي «حلقة الأصدقاء» أو «سياسة الجوار الأوروبيّة»، التي أرست عقوداً ثنائيّة تحت تسمية «برنامج عمل» بين الاتحاد الأوروبي من جهة، وجميع الدول الأعضاء غير الأوروبيّة. عقود تحدّد الإصلاحات والمشاريع المطلوب من هذه الدول تنفيذها. وابتداءً من يوم أمس، تكون العلاقات المتوسّطيّة قد وصلت إلى مرحلتها الثالثة مع «الاتحاد من أجل المتوسط». ويرى القيّمون على المشروع أنّ المرحلة هذه هي استعادة لـ«مسار برشلونة» مع إعطائها دفعاً سياسياً من خلال إنشاء لجان عمل سياسية على مستوى حكومي (رئاسة مزدوجة وأمانة سرّ مزدوجة ولجان مشاريع مزدوجة...). ومن ناحية أخرى من خلال جعل القمّة التي ستُعقَد كل عامين على مستوى رئاسي لا وزراء خارجية كما كان حاصلاً في المراحل السابقة من «مسار برشلونة». وعن هذا الموضوع، سألت «الأخبار» رئيس البرلمان الأوروبي هانس براتن عن مصير الاتحاد الجديد في ظل ما آل إليه «مسار برشلونة»، فشدّد على أنّ «مبادرة ساركوزي جاءت لتكمل مسيرة بدأت عام ١٩٩٥». ويرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنّ الشراكة يجب أن «تسمح بكسب المعركة ضد الإرهاب والأصولية والتطرّف». ولكن كما يقول أكثر من مسؤول شارك في اجتماع وزراء الخارجيّة الذي سبق قمّة الرؤساء والزعماء لـ«حل ما لم يستطع الخبراء حله»، يجب «حلّ المشاكل بين الأعضاء قبل محاربة أي عدوّ آخر». وكما علمت «الأخبار»، فإن «خلافات عميقة اجترحت لقاء الوزراء» لدرجة أن «حماوة اللقاء فُقدت في برودة النقاشات» وغابت «صورة جماعية للقاء الوزراء».
وبحسب معلومات «الأخبار»، خمس نقاط اختلاف وقفت عقبة أمام اتفاق الخبراء ثم الوزراء وتُركت للرؤساء.
أول الخلافات سبّبه ما قيل عن الاتحاد إنه سيسمح بعمل الأوروبيين والدول العربية وإسرائيل معاً في مشاريع عملية متعددة مثل التعاون في إزالة تلوث البحر المتوسط والطاقة الشمسية والتنقل بين الدول الأعضاء والأمن المدني. إلا أنّه كما اعترف دبلوماسي شارك في لقاءات العاصمة الفرنسيّة، فإن «الشق السياسي» غير المتفق عليه، وخصوصاً المتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، قفز فوق المشاريع الاقتصادية.
وجسّد ملفّ أسلحة الدمار الشامل عقبة رئيسية توقّف عندها المتفاوضون. وأصرّت الدول العربية على أن يشمل البيان النهائي «إعلان ضرورة إخلاء منطقة المتوسط من الأسلحة النووية».
وفي السياق، برّر أكثر من مسؤول عربي المطلب لكونه لا يمكن البحث بمشاريع تنموية «في ظل التهديد النووي الإسرائيلي» الذي «يبقي المنطقة على شفير حرب» في إشارة إلى التهديدات الأميركية والإسرائيلية لإيران.
ومثّلت نقطة الخلاف هذه مدخلاً لمشاكل على «المفاضلة بين السياسة والاقتصاد» انطلاقاً من عدم إمكان السير في مشاريع اقتصادية تربط بين دول الحوض المتوسّطي مثل «الأوتوستراد الدائري» المفترض أن يربط مدينة طنجة المغربية بإسطنبول وجبل طارق، أو الأوتوستراد البحري المفترض أن يمر في إسرائيل.
تُضاف إلى ذلك مشاريع محاربة التلوّث في المتوسط التي يتساءل كثيرون كيف يمكن منعه في بحر تلامس مياهه شواطئ دول لا علاقات دبلوماسية تربطها؟. وانطلاقاً من هذا الخلاف السياسي، تندرج «مسألة الجامعة العربية ودورها» في إطار الاتحاد، ليظهر أنّ «الخلافات هي بين إسرائيل والدول العربية»، وأنّ تل أبيب ترفض أي إشارة إلى المبادرة العربية الصادرة عن قمة بيروت عام ٢٠٠٢.


43 دولة

هي الدول الأعضاء في «الاتحاد من أجل المتوسط»: الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، ليبيا، موريتانيا، المغرب، فلسطين، سوريا، تونس، تركيا، إسرائيل، ألبانيا، النمسا، بلجيكا، البوسنة ـــ الهرسك، بريطانيا، بلغاريا، قبرص، تشيكيا، كرواتيا، الدنمارك، أستونيا، فنلندا، ألمانيا، اليونان، هنغاريا، إيرلندا، إيطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، موناكو، الجبل الأسود، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد وهولندا. وحضر زعماء هذه الدول قمة يوم أمس باستثناء العقيد الليبي معمر القذافي، والملك الأردني عبد الله، والملك المغربي محمد السادس الذي مثّله شقيقه مولاي رشيد.