الاتحاد الأفريقي يخشى على «سلام القارّة»يترقّب العالم إعلاناً من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اليوم باتهام الرئيس السوداني عمر البشير بـ«إبادة» دارفور، في خطوة حذّر الاتحاد الأفريقي من أنها «تهدّد السلام في القارة»
أثارت تصريحات المدّعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، في شأن استعداده لإعلان لائحة اتهام تشمل مسؤولين سودانيين‏، بينهم الرئيس عمر حسن البشير، موجة احتجاج واسعة، قابلها ترحيب من بعض فصائل المعارضة السودانية، فيما تستعد الدول العربية لاجتماع عاجل من أجل بحث تداعيات الإعلان المرتقب اليوم.
ويتوقّع أن يعلن أوكامبو اليوم الاثنين لائحة اتهام جديدة تشمل مسؤولين سودانيين رفيعي المستوى،‏ بدعوى تورطهم في ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور غرب البلاد‏.
‏وقال أوكامبو إن «جهاز الدولة السوداني كلّه ضالع في حملة منظمة للعدوان على المدنيين في دارفور»‏.
ورجّحت وزارة الخارجية الأميركية أن يدعو أوكامبو إلى إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، بينما ذكر دبلوماسي أوروبي أن أوكامبو سيطلب على الأرجح القبض على البشير في قضية جديدة لجرائم الحرب في دارفور.
وكانت الخرطوم، التي عقدت حكومتها اجتماعاً طارئاً أمس، قد حذّرت من مغبة إقدام المحكمة الجنائية على أي إجراء يستهدف البشير، مشيرةً إلى أن من شأن هذا الأمر، إن حصل، أن ينسف عملية السلام الجارية في دارفور.
وعقد أعضاء في حزب البشير (المؤتمر الوطني) والحركة الشعبية لتحرير السودان الجنوبية، اجتماعات لتحضير «أمة سودانية موحدة» في وجه ما سيأتي من لاهاي.
وحذّر وزير الدولة للشؤون الخارجية، السماني الوسيلة، من أن أي إجراء ضد البشير قد «ينال من عملية السلام» في دارفور، مضيفاً أن «في هذه الحال لن يتعاون السودان أبداً مع المحكمة الجنائية الدولية».
وقال مصدر رفيع المستوى في الحكومة السودانية إن «الاتصالات قائمة بالفعل مع الصين وروسيا... وأظهرتا دعمهما... لكن بشكل غير رسمي إلى الآن»، فيما ذكر مصدر في الاتحاد الأفريقي أن «موقف مجلس السلم والأمن في الاتحاد، هو تحذير للمحكمة الجنائية الدولية من مخاطر عمل ضد بعض الشخصيات قد يهدد السلام في القارة».
وأيدت دمشق الطلب الذي تقدّم به سفير السودان لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، عبد المنعم مبروك، لعقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب للبحث في اتهام المحكمة الجنائية الدولية للبشير.
لكن مصادر عربية قريبة من المحكمة الجنائية الدولية رأت أن المحاولات السودانية هذه، مجرّد «رد فعل إعلامي، لن ينجح في حل الأزمة التي فات أوان حلها النهائي»، وأنه «لم يعد هناك إلّا المفاوضات الجديّة لوقف المذابح في دارفور».
ويقول خبراء في القانون الدولي إن الخيارات المتاحة أمام مجلس الأمن استخدام البند 16 من قانون المحكمة الجنائية الدولية لوقف المحاكمة لمدة عام. لكن مبعوثاً أوروبياً أبلغ «رويترز» أن«الصين تفكّر في البند 16.. لكنني أعتقد أن موقف الدول الغربية سيكون دعم المحكمة».
وأمام المحكمة الجنائية الدولية ٣ طرق لتنفيذ المحاكمة بالقوة، الأولى: نشر مذكرة التوقيف في الدول الأعضاء، ما يعني أن البشير لن يزور ١٠٦ دول أعضاء في المحكمة. والطريقة الثانية هي التعرض بالقوة لطائرة الرئيس. أما الطريقة الثالثة فتعتمد على تدخّل بالقوة الدولية بقرار من مجلس الأمن. ويستبعد خبراء المحكمة الدولية اللجوء إلى الطريقة الأخيرة.
وفي السياق، رحّبت جماعات التمرّد الرئيسية، التي تواجه أيضاً اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، بإعلان المحكمة الجنائية الدولية. وقال مؤسس «حركة تحرير السودان»، إحدى حركات التمرّد الرئيسية في دارفور، عبد الواحد محمد النور: «هذا عصر عالمي جديد.. سيوجّه رسالة بأن من يرتكب جرائم وإبادة سيحاكم». وقال زعيم «حركة العدل والمساواة»، خليل إبراهيم، إن الحركة ستعلّق جميع عملياتها حتى الإعلان المتوقع اليوم لإظهار دعمها للمحكمة الجنائية الدولية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)