strong>مبادرات أميركية حيال إيران تشير إلى «تغيير هام» في سياسة واشنطن في هذا الملف، رغم نفيها لذلك، وإلى أن إدارة جورج بوش قررت، في الأشهر الأخيرة من ولايتها، المراهنة على جهود مجموعة «5+1»، لعلّها توفّر للرئيس المقبل أرضية «دبلوماسية» يمكنه البناء عليها!أثار الإعلان الأميركي عن المشاركة المباشرة في المفاوضات مع إيران بشأن ملفّها النووّي موجة من القبول والرفض وما بينهما، تفتح الباب واسعاً أمام جدل حاد داخل البيت الأميركي، وخاصة أنها تتزامن مع تسريبات إعلامية عن إمكان فتح ممثليّة دبلوماسيّة لواشنطن لدى طهران.
لكن الإدارة الأميركية التي وصفت مشاركة مساعد وزيرة الخارجية وليام بيرنز، الأولى من نوعها، في اللقاء الذي يعقد في جنيف غداً بين الدول الست «5+1» وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، بأنها «فرصة لا تتكرر»، أكدت في الوقت نفسه أنها قرّرت إرسال بيرنز ليكون إشارة إلى طهران والآخرين إلى أن واشنطن تريد إيجاد حلّ دبلوماسي للمأزق.
في هذا الوقت، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، إنها لا تعرف ما إذا كانت إيران سترد بإيجابية في مطلع الأسبوع المقبل على عرض حوافز قدمته القوى الكبرى في مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم. وأوضحت رايس أن «ما نقوله هو أن الولايات المتحدة ملتزمة بحزم لمصلحة هذه الدبلوماسية»، مضيفة «نأمل أن يسمع الإيرانيون الرسالة». وتابعت «النقطة التي نوضحها هي أن الولايات المتحدة تقف بثبات وراء هذه الدبلوماسية، وتقف بثبات وراء حلفائنا وتتفق معهم».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، شون مكورماك، إن رايس عدّت التخلّي عن السياسة المعتادة وإيفاد بيرنز إلى جنيف «خطوة ذكية» فيها خروج عن الدبلوماسية المعتادة. وأضاف «إنها تبعث بإشارة قويّة إلى العالم وتبعث برسالة قويّة إلى الحكومة الإيرانية أن الولايات المتحدة ملتزمة الدبلوماسية».
وفي ما يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه طهران، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، أنه «لم يتغير شيء». وأشارت إلى رزمة الحوافز التي قدّمتها القوى الغربية لطهران بالقول «إذا لم يقبلوا هذا العرض.. أوّلاً.. فلن تكون هناك مفاوضات. وثانياً.. ستكون هناك عقوبات إضافية. جوهر السياسة لا يزال كما هو، ولكن هذا تكتيك جديد»، مضيفة أنه «سيكون هذا مشاركة أميركية لمرة واحدة».
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن أحد الأسباب المنطقية لإرسال بيرنز الآن هو انتهاز ما يبدو أنه انقسامات في الحكومة الإيرانية بشأن عرض الحوافز.
في المقابل، انتقد المندوب الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، قرار إيفاد بيرنز إلى اجتماع جنيف بشدة. وقال لوكالة «رويترز» «هذا انهيار فكري كامل لإدارة بوش، والدليل واضح أمامنا جميعاً».
في غضون ذلك، رحّب المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، بأنباء إيفاد بيرنز، وقال إن «الولايات المتحدة مشاركة الآن. يجب أن تبقى مشاركة بكل قوة دبلوماسيتنا». لكن منافسه جون ماكاين، الذي أبدى عدم ممانعته لهذه المشاركة، أوضح أنه يعارض موقف أوباما المعلن عن أنه سيكون مستعداً لإجراء مباحثات مع الإيرانيين بغير شروط مسبقة.
وفي المواقف الدوليّة، رحّبت الصين بقرار واشنطن إرسال بيرنز إلى جنيف. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ليو جيان تشاو، «نأمل أيضاً أن تنتهز جميع الأطراف الفرص المؤاتية الحاليّة وأن تكثّف جهودها، وبصفة خاصة أن تظهر مرونة لدفع الحوار والمفاوضات في أقرب وقت ممكن».
وفي فيينا، قال وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، إن «حضور أميركي خبر جيد»، مضيفاً أن رد إيران الرافض حتى الآن لرزمة الحوافز «ليس مفاجئاً.. (وإنما) مؤسف بعض الشيء، لكن استعدادها لمزيد من مناقشته أمر مشجّع».
وتابع «ننتظر فرصة ملائمة. تحدثت إلى (وزير الخارجية الإيراني منوشهر) متكي وكان منفتحاً.. لكن منفتحاً على ماذا؟ هذه هي القضية دائماً. نتحدث ونتحدث مع الإيرانيين لكنه دائماً أمر مخيّب للأمل».
كذلك، قال مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة، جون ساويرس، إن «حقيقة أن وليام بيرنز يشارك في هذا الاجتماع يوم السبت هي أمر مرحّب به وبادرة تدل على الجدية».
إلى ذلك، التقى سولانا بيرنز استعداداً لمحادثات جنيف. وقالت المتحدثة باسمه، كريستينا غالاش، إن «سولانا قال لبيرنز إن مشاركته لا يمكن أن يكون وقعها إلاّ إيجابياً» على المفاوضات.
في هذه الأجواء، كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس عن أن «إعلاناً سيصدر في الشهر المقبل عن إنشاء قسم لرعاية المصالح الأميركية في طهران، وهو إجراء في منتصف الطريق إلى إنشاء سفارة كاملة»، مشيرةً إلى أن «هذه الخطوة ستشهد تمركز دبلوماسيين أميركيين في البلاد».
(أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي)


«عدم ارتياح» إسرائيليوقالت الصحيفة إن إسرائيل، التي تشعر بالقلق من هذه الخطوة، شدّدت في الرسالة على «الأهمية الكبيرة في الإبقاء على المطلب الدولي المتعلق بتخصيب اليورانيوم كشرط للتفاوض مع إيران». وأشارت «هآرتس» إلى أن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل مسبقاً نيّتها إيفاد بيرنز للقاء الإيرانيين. ونقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الأميركيين وصفوا الخطوة بأنها «محادثات جسّ نبض»، هدفها التثبّت ممّا إذا كان هناك معنى للحوار مع إيران.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن واشنطن علّلت الخطوة بعدم ثقتها بتقارير سولانا، مشيراً إلى أنها تتّهمه بتضليلها. وأشار المسؤول نفسه إلى أن الأميركيين لفتوا إلى أن شرط وقف تخصيب اليورانيوم لا يزال قائماً.
من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، إن أحداً «لن يستطيع ثني إسرائيل عن التحرّك عسكرياً، إن كانت على يقين بأن إيران تمتلك السلاح النووي». وأبدى، خلال افتتاح مؤسسة «ميديديا»، أسفه «لعدم تمكن الغرب من إيقاف برنامج طهران للطاقة النووية للاستخدام العسكري»، محذراً من أن الصراع النووي سيكون بمثابة «كارثة».
(الأخبار، يو بي آي)