عندما أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نيّته زيارة إيرلندا، كان الهدف حثّ مواطني هذا البلد على إعادة التصويت باستفتاء ثانٍ لتأييد «معاهدة لشبونة». منذ ذلك الوقت، أثارت تصريحاته غضب أكثر المتحمسين للمعاهدة البديلة للدستور الموحَّد التي رفضها الإيرلنديّون حزيران الماضي. ويوم أمس، أمضى ساركوزي خمس ساعات في دبلن، في مهمّة «معدّلة» أكثر تواضعاً، عبّر عنها بيان الرئاسة الفرنسيّة عندما أوضح أنها حصلت «لكي يفهم الرئيس لماذا رفض 53 في المئة من الايرلنديين المعاهدة الأوروبية».
هدف متواضع لم يحل دون زيادة الانقسام بين الإيرلنديين أنفسهم. مشهد عبّرت عنه تظاهرتان استقلبتا الضيف الفرنسي الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لستّة أشهر مقبلة: واحدة لاستنكار «الأوامر» التي وجّهها ساركوزي إلى الإيرلنديين الأسبوع الماضي عندما قال: «عليهم إعادة التصويت مرة ثانية». وجاء الجواب من هؤلاء على صيغة لافتات كُتب عليها «ساركوزي احترم نتائج الاستفتاء. لا تعني لا. لم يعد لمعاهدة لشبونة وجود».
والثانية جمعت عدداً أقلّ من المشاركين، دعم فيها مزارعون إيرلنديون موقف ساركوزي الحازم من مسألة تحرير التجارة العالمية. ورُفعت على ست جرافات جديدة أعلام فرنسية وإيرلندية وأوروبية كُتب عليها: «أيها الرئيس ساركوزي، توجه نقابة المزارعين الإيرلنديين كلمة شكر إليكم».
ولم تدم زيارة ساركوزي سوى خمس ساعات، عاد بعدها إلى باريس، حيث كانت تنتظره تعديلات دستورية مهمّة. وفي ظلّ غياب أي تصريح له من دبلن، أوضح بيان صادر عن مكتبه أنّ الرئيس استمع إلى المسؤولين الإيرلنديين «بما أن الاستماع أفضل وسيلة للوصول إلى فكرة عن قرار سنتّخذه» بشأن العقبة الإيرلنديّة، من دون أن يفوِّت البيان توضيح أنّ ساركوزي «يحترم نتيجة الاستفتاء الإيرلنديّ». الرسالة نفسها حاول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إيصالها عندما أشار إلى «أننا نذهب إلى إيرلندا من منطلق رئاستنا للاتحاد الأوروبي للاستماع، لا لنعطي الدروس».
ونُظِّمَت لقاءات مغلقة بين ساركوزي وكل من المعارضين والمناصرين للمعاهدة الأوروبية، كما أُلغيت جلسة مناقشة عامة كان سينظمها «المنتدى الوطني لأوروبا» عن آفاق المشروع الأوروبي في ظلّ الرفض الإيرلندي.
(أ ب، أ ف ب، الأخبار)