أرنست خوريبعد مرور عام و7 أشهر على اغتيال الصحافي والكاتب الأرمني ــ التركي الشهير هرانت دينك، تسير عجلة التحقيق في الجريمة على نحو يؤكّد أنّها من تخطيط وتنفيذ عناصر من خلايا ergenekon مرتبطين بمركز شرطة طرازبون.
صحيح أنّ الادعاء قد طالب بإنزال عقوبة السجن من 18 إلى 24 شهراً على منفّذ اغتيال دينك ذات يوم من كانون الثاني من عام 2007، وهو أوغون ساماست والسجن لمدى الحياة لمخطِّطَي العملية إرهان تونسل وياسين هايال، إلا أنّ عنصراً مهماً دخل حيثيات القضيّة.
ففي سياق التحقيق الجاري، كشف عنصران من شرطة طرازبون، يُدعيان أوكان ش. وفيصل ش. أنّ رئيس شرطة هذه المنطقة علي أوز، حيث وقعت الجريمة أمام مبنى صحيفة دينك وتُدعى «أغوس»، كان على دراية مسبّقة بحصول الجريمة، ولم يتّخذ أيّ إجراء لردعها، ما يطرح علامات استفهام بشأن احتمال ضلوع أوز بالتنظيم السري.
اعترافات أدّت بمحقّقي وزارة الداخليّة التركيّة إلى طلب التحقيق مع أوز نفسه، وهو ما حصل فعلاً. إلا أنّ شهادة الضابط جاءت بصيغة حاول أن يعطيها طابع «فاقد الذاكرة». فقد وردت عبارة «لا أتذكّر» مراراً وتكراراً، ما دفع بالمحقّقين إلى سؤاله ما إذا كان يعاني مرض فقدان الذاكرة. وتعمّد أوز تسخيف القضيّة، عندما أصرّ على أنه قبل وقوع عملية تصفية دينك، لم يكن قد سمع باسمه ولا حتّى باسم صحيفته، رغم ما لدينك وجريدته من سمعة عالميّة تخطّت تركيا وجعلت منه رمزاً عالمياً لروح التسامح التركي ــ الأرمني.
وجاء نفي أوز معرفته المسبّقة بنيّة تنفيذ العملية، على شكل ادّعاء بعدم القدرة على تذكّر ذلك، رغم أنّ الجريمة وقعت منذ أقل من سنتين فقط. في المقابل، فإنّ الشرطيّين أشارا إلى أنه كانت لديهما معلومات مفصّلة عن مخطّط العمليّة، «أردنا إيصالها إلى العقيد أوز، إلا أنه غطّى على القضيّة». وقال أوز، خلال إدلائه بشهادته أمام المحققين في محكمة بورصة، «لم أكن أعلم من يكون هرانت دينك وياسين هايال. لم أسمع من قبل لا عن دينك ولا عن صحيفته. أقسم إنني لا أذكر أني تلقيت معلومات أو تقارير عن مؤامرة لقتله».
وعما أدلى به الشرطيان الخاضعان في تلك الفترة لأوامره، أشار أوز إلى أنّ هذين الشرطيين «مدرّبان بشكل يؤهّلهما لفعل ما يلزم في حال تلقّيهما معلومات عن مخطّط مشابه».
ولم ينفِ أوز أنّ الشرطيين أبلغاه بالموضوع خلال أحد الاجتماعات، غير أنّه قلّل من أهميّة أن يكونا قد أثارا الموضوع رغم أنّه «لا يذكر إذا حصل ذلك أو لا». لكن في نهاية التحقيق، أصرّ أوز على أنه لا يعاني مرض ضعف الذاكرة، وأنه شخص يمارس الرياضة «أستطيع تذكّر كل شيء مرّ في حياتي».