من الطبيعي أن يكون جدول أعمال القمّة الأفريقية «جنونياً»، لما يتميّز به من «تخمة» في جدول الأعمال لا يمكنها أن تختصر ملفات القارة السمراء الشائكة، والمشحونة بالحروب الممتدة بين السودان والكونغو والنزاعات التي لا تخلو منها معظم البلدان، فضلاً عن الأمراض والمجاعات.
شرم الشيخ ـ الأخبار

وسط إجراءات أمنية مشدّدة، ومحاصرة كاملة للصحافيين، انطلقت أمس أعمال القمة الحادية عشرة للاتحاد الأفريقي، في قصر المؤتمرات في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر، بحضور حوالى 40 رئيس دولة وحكومة.
وفي تصريح انتقادي سبق بدء أعمال القمّة، ندّد وزير الخارجية السنغالي، الشيخ تيديان جاديو، بالجدول «الجنوني»، مشيراً إلى أنه «ليس من العقلاني وجود خمسين نقطة في جدول أعمال المجلس التنفيذي».
وقال جاديو: «لا يمكن تسوية كل المشاكل في قمة واحدة»، مقارناً بين هذه القمة وقمم دول الاتحاد الأوروبي التي تستمر بضع ساعات فقط.
وفي افتتاح القمّة، قال الرئيس المصري، حسني مبارك، إن «أفريقيا هي أكثر المناطق تأثراً بأزمة الغذاء العالمية الحاليّة، وهي الأكثر تضرراً من الآثار السلبية لتغيّر المناخ والجفاف والتصحّر».
وأضاف مبارك أن «أفريقيا في حاجة إلى حوار صريح وبنّاء بشأن مشكلة الأمن الغذائي وتحديّات تغيّر المناخ والطاقة الحيوية، يتناول أبعاد هذه الأزمة في إطار استراتيجية عالمية شاملة».
ورأى مبارك أن النزاعات تمثّل التحدّي الأكبر الذي يواجه القارة الأفريقية في المرحلة الراهنة. ولاحظ أنه «بالرغم من تراجع النزاعات عما كان عليه الوضع في التسعينيات، إلا أن هناك صراعات تبعث على القلق» وخصّ بالذكر ما يحدث في دارفور وبين السودان وتشاد وبين إريتريا وجيبوتي والوضع الراهن في الصومال.
وقال الرئيس المصري إن قضايا النزاعات في أفريقيا تمثل نحو 60 في المئة من جدول أعمال مجلس الأمن الدولي. وجدّد دعوة بلاده إلى تنسيق الجهود بين الاتحاد الأفريقي والمنظمة الدولية للتعامل مع بؤر التوتر والنزاع في القارة. كما دعا الزعماء الأفارقة إلى إيلاء أولوية خاصة للتحدّي الذي تمثله ظاهرة الاتجار بالبشر، وأعاد إلى الأذهان خطة عمل «واغادوغو 2006» التي اعتمدها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي لمكافحة الاتجار بالبشر ليؤكد على ضرورة تطوير هذه الخطّة إلى خطة عالميّة تتصدّى لهذه الظاهرة.
ولاحظ مبارك أن القارة تسير على الطريق الصحيح لدعم التكامل الأفريقي واستكمال البناء المؤسسي للوحدة الأفريقية، مؤكداً في هذا الخصوص إيمان بلاده بمستقبل القارة في وحدتها.
وتعقد هذه القمة تحت شعار «بلوغ أهداف الألفية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي» إلا أن أكثر الموضوعات سخونة تتمحور حول تقرير لجنة الاثني عشر الرئاسية بشأن حكومة الاتحاد الأفريقي التي عقدت اجتماعاً في مدينة أروشا في تنزانيا يومي 22 و 23 آيار الماضي ولم تتوصّل إلى موقف موحد بشأن هذه المسألة.
ومن المنتظر أن تكون المداولات ساخنة جداً بشأن هذه القضية الحيوية، وخاصة في ضوء المرافعة الأخيرة للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي قبل أسبوعين في بنين، التي أكد فيها أن «حكومة الاتحاد الأفريقي ليس ترفاً، بل ضرورة ملّحة لإنقاذ القارة وإخراج الشعوب الأفريقية من دائرة التخلّف والتهميش». وانتقد بشدة «كل المعرقلين لهذا المشروع الوحدوي ومحاولاتهم تسويق مشاريع وهميّة مثل سياسة الخطوة خطوة ودعم التجمّعات الاقتصادية الإقليمية».
وتبرز هنا مسائل النزاع في دارفور وتشاد والأزمة المتصاعدة بين السودان وتشاد والنزاع بين اريتريا وجيبوتي والوضع في الصومال في ظل الاحتلال الإثيوبي، إضافة إلى الأوضاع الأمنية الهشّة على الحدود بين إثيوبيا واريتريا وفي الكونغو الديموقراطية وكذلك بين الوضع في زيمبابوي والمرشّح برأي المراقبين للتعقيد.
وتقول بعض الأوساط الدبلوماسية الأفريقية إن القمة قد تعمل على إيجاد مخرج للأزمة في زيمبابوي على الطريقة الكينية بإشراك المعارضة في حكومة وحدة وطنية بصلاحيات واسعة لرئيس الوزراء. وكانت الولايات المتحدة قد دعت القمة إلى رفض انتخابات 27 حزيران الجاري وإدانة تنصيب روبرت موغابي، علماً بأن مصر نفت في وقت سابق أن تكون قد تعرضت لأية ضغوط لمنع مشاركة موغابي في القمة الأفريقية أو رفض استقباله على أراضيها.
وقبل ساعات من افتتاح القمة، نُقل الرئيس الزامبي، ليفي مواناواسا، الذي يرأس أيضاً الدورة الحالية لمجموعة التنمية لدول الجنوب الأفريقي «سادك»، إلى مركز صحّي في أعقاب ما وصفته مصادر بأنه عارض في القلب.
إلى ذلك، شكا أكثر من مراسل صحافي أن القيود الأمنية التي فرضتها السلطات المصرية لحماية القمة والمشاركين فيها، جاءت على حساب تمكينهم من القيام بعملهم. وقال هؤلاء إنهم قبعوا في المركز الصحافي لساعات من دون أن يتمكنوا من إجراء أية مقابلات إعلامية خاصة، فيما تمكن من عمل ذلك فقط بعض المصوّرين المرافقين للرؤساء.