strong>انفجر مئات الفلسطينيين غضباً أمس في وجه سلطات الأمن المصرية، واقتحموا معبر رفح، الذي قررت القاهرة أول من أمس فتحه لثلاثة أيام جزئياً، لكن الإجراءات التعقيدية التي مارسها الموظفون ورجال الأمن في الجانب المصري من المعبر حالت دون إمكان مرور الكثير من الفلسطينيين المدرجين على لائحة العبور
غزة ــ قيس صفدي
دفعت التعقيدات المصرية على معبر رفح أمس مئات الراغبين في السفر إلى اقتحام بوابته الرئيسة، ورشق سلطات الأمن المصرية بالحجارة، بعدما أعياهم الانتظار ساعات طويلة تحت أشعة «تموز» اللافحة.
واستخدمت سلطات الأمن المصرية خراطيم المياه، وتبادلت الرشق بالحجارة مع المتظاهرين الغاضبين، بعدما أعلنت عن إغلاق المعبر من دون تحديد موعد آخر لفتحه.
وقال مصدر رسمي على المعبر، لـ«الأخبار»، إن ممارسات الجانب المصري وجدت صداها لدى المسافرين، الذين انفجروا غضباً للتعبير عن احتجاجهم على المماطلة المصرية وعرقلة الإجراءات، بينما اتهم كثيرون منهم «حماس» بالتواطؤ في التنسيق مع المصريين لتمكين أسماء محددة من السفر، في حين أن الواقع يشير إلى تنسيق مصري مع سلطة رام الله بعيداً عن سلطة غزة وحكومتها.
بدورها، أعلنت مصادر أمنية مصرية أن قوات الأمن منعت مئات الفلسطينيين من محاولة اقتحام معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة. وقال مسؤول أمني إن ستة جنود مصريين جرحوا بعد إصابتهم بحجارة ألقى بها الفلسطينيون الغاضبون. وأضاف أن «مصر منعت دخول بعض الفلسطينيين من العالقين والمرضى إلى الجانب المصري من رفح لاختلاف أسمائهم عن القائمة التي اتُّفق عليها مع حركة حماس والسلطة الفلسطينية».
وتابع المسؤول أن «المتظاهرين اقتحموا البوابة الحدودية الأولى لمعبر رفح التي تسيطر عليها حماس، إلا أن قوات الأمن المصرية نجحت في إغلاق البوابة الثانية، ومنعت معاودة اقتحام الحدود بعد اقتحامها في كانون الثاني الماضي».
وكانت مصر سمحت لنحو 150 مسافراً فقط، بينهم حوالى 40 مريضاً ومرافقيهم، وعائلات من العالقين المصريين في غزة منذ تفجير الحدود في كانون الثاني الماضي، باجتياز المعبر في يومه الأول، في حين قالت وزارة الداخلية في حكومة «حماس» إن مصر بإمكانها إدخال ألف مسافر يومياً.
وبحسب المصدر المسؤول في المعبر، فإن قائمة الراغبين في السفر المسجلين لدى الإدارة العامة للمعابر في غزة تضم نحو ستة آلاف من الطلبة وحملة الإقامة، إضافة إلى نحو 1500 مريض في حاجة ماسة للعلاج في الخارج، غير أن السلطات المصرية تتعامل بـ«استهتار» مع قائمة الاحتياجات، وتقدم عليها أسماء لمسافرين جرى التنسيق لهم مع رام الله. وقال المصدر إن مصر تمتلك الحل لأزمة الفلسطينيين في غزة، وبإمكانها فتح المعبر كلياً، مستشهداً بقدرة مصر على فتح المعبر بين الحين والآخر أمام أشخاص موالين لحركة «فتح» والسلطة في رام الله.
وانعكست التعقيدات المصرية على معبر رفح على حياة المرضى، حيث لم يحتمل الشاب المريض مازن غازي عرار (20 عاماً) طول الانتظار، ليحتل الرقم 200 على قائمة ضحايا الحصار من المرضى. وقال المتحدث باسم اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، رامي عبده، نقلاً عن مصادر طبية، إن المريض عرار توفي أثناء انتظاره الخروج للعلاج في أحد المستشفيات المصرية من مرض في القلب.
حكومة هنية وحركة «حماس» حاولتا التخفيف من حدة الأحداث التي شهدها المعبر عبر وصفها بـ«العفوية»، وحاولتا توظيفها لجهة مطالبة مصر بفتح المعبر كلياً أمام حركة المسافرين من القطاع وإليه.
ودعا المتحدث باسم الحكومة، طاهر النونو، «الجماهير إلى ضبط النفس والالتزام والتقيد بالتعليمات الصادرة عن وزارة الداخلية وإدارة معبر رفح والمحافظة الكاملة على المعبر وكل مرافقه وممتلكاته، والمحافظة على علاقات أخوية مع جمهورية مصر العربية الشقيقة، وعدم القيام بما يمسّ بهذه العلاقات الأخوية الصادقة والراسخة».
وقال النونو، في تصريح صحافي، إن «وزارة الداخلية تتابع مباشرة بإجراءات عاجلة ضبط الأوضاع وإعادة الهدوء إلى منطقة المعبر والحدود الفلسطينية المصرية، كما تجري الحكومة اتصالات حالياً مع الأشقاء في مصر لإنهاء الوضع القائم».
ووصف المتحدث باسم حركة «حماس» سامي أبو زهري ما حدث على المعبر بأنه «أعمال عفوية وغير مقصودة»، غير أنه قال «إن ما جرى من احتجاجات تعبر عن حال الغضب والكبت والضغوط التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة جراء الحصار واستمرار إغلاق المعبر». ودعا «الأشقاء في مصر إلى فتح معبر رفح كلياً أو الاتفاق على فتحه وفق إجراءات واضحة لضمان حرية حركة المسافرين من القطاع وإليه»، لافتاً إلى أن فتح المعبر بهذه الطريقة «لا يسمن ولا يغني من جوع»، لأن آلاف الفلسطينيين لم يتمكنوا من السفر باستثناء بضع عشرات.
إلى ذلك، أعادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فتح المعابر التجارية مع القطاع جزئياً، وسمحت بإدخال كميات ضئيلة من الوقود والبضائع الاعتيادية من دون السماح بقائمة كبيرة من البضائع الممنوعة منذ تشديد الحصار على غزة، باستثناء السماح بإدخال 5 شاحنات من الإسمنت.
ميدانياً، اعتقل الجيش الإسرائيلي 15 فلسطينياً خلال حملة دهم في الضفة الغربية. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن «قوات جيش الدفاع العاملة في الضفة الغربية اعتقلت 15 مطلوباً خلال حملة دهم في نابلس ورام الله وبيت لحم».