ذكرت إذاعة سويسرا، أمس، أن قادة من القوات المسلحة الثورية في كولومبيا «الفارك» تقاضوا ملايين الدولارات من أجل إطلاق سراح إنغريد بيتانكور و14 رهينة آخرين لديهم. وأعلنت الإذاعة العامة، في نشرتها الإخبارية لمنتصف النهار، استناداً إلى «مصدر قريب من الأحداث جدير بالثقة وتم اختباره مراراً خلال السنوات الماضية» أنه «تم في الواقع شراء الرهائن الـ15 بثمن باهظ، وبعدها تم إخراج العملية». وقالت إن الخاطفين تقاضوا نحو عشرين مليون دولار، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة التي أطلق سراح ثلاثة من مواطنيها كانت «خلف الصفقة».
وأوضح رئيس قسم الدوليات في الإذاعة، بيار بافو، رداً على أسئلة وكالة «فرانس برس» أن المبالغ المذكورة لم تدفع بمثابة فدية بالمعنى الضيق، بل استخدمت لإقناع اثنين من حراس الرهائن بتبديل ولائهما. وأجلي الحارسان في المروحية مع بيتانكور والرهائن الآخرين، وسيفيدان من عفو ويقيمان في الخارج. وقال «إنه تبديل للولاء. ثمة في كولومبيا صندوق خاص بقيمة مئة مليون دولار لحمل متمردي الفارك على تبديل مواقفهم».
وأوضحت الإذاعة السويسرية، الناطقة بالفرنسية، أن زوجة أحد حراس الرهائن هي التي قامت بدور الوسيط لإتمام الصفقة. وروت أن الجيش الكولومبي كان قد اعتقل المرأة، ثم عادت إلى صفوف «الفارك» فأقنعت زوجها بأن ينتقل إلى المعسكر الآخر.
وذكرت الإذاعة أن «إخراج» عملية تحرير الرهائن يسمح للرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي بـ«التمسك بخطه الذي يستبعد أي تفاوض مع المتمردين ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن». وقالت إن «هذا الإنجاز يتيح له تحسين صورته»، بعدما دعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وكانت فرنسا قد أكدت، أمس، أنها لم تدفع أي فدية للقوات المسلحة الثورية في كولومبيا (الفارك) لقاء إطلاق سراح الرهينة إنغريد بيتانكور. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، اريك شوفالييه، رداً على سؤال عما إذا كانت باريس دفعت مبلغاً مالياً للثوار الكولومبيين «الرد بسيط جداً: لا». وتابع «بما أنه لم يتم إشراكنا في هذه العملية، فلم يتم إشراكنا أيضاً في سبل تمويلها، إن كانت هناك سبل تمويل». وكانت بيتانكور قد وصلت أمس إلى مطار فيلاكوبليه قرب باريس، على متن طائرة رئاسية فرنسية آتيه من بوغوتا. ورافق الرهينة السابقة أفراد من عائلتها، وولداها ميلاني ولورنزو ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
وكانت الرهينة الفرنسية الكولومبية السابقة أول من خرج من الطائرة. وقد استقبلها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني على مدرج المطار. وفي وقت لاحق استقبلها الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه.
إلى ذلك، أثارت الاشتراكية سيغولين رويال موجة استنكار في الطبقة السياسية الفرنسية بما في ذلك داخل حزبها، إذ اعتبرت أن الرئيس نيكولا ساركوزي «لا دخل له» في تحرير بيتانكور.
وقالت المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية الفرنسية إن تحرير الرهائن تم «في عملية كولومبية نفذت بفاعلية»، معتبرة أن المفاوضات مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (الفارك) كانت «غير مجدية ولم تفض إلى نتيجة».
وكان رئيس الوزراء فرنسوا فيون أول من ردّ من كيبيك أيضاً، فرأى أن رويال «تفتقر إلى اللباقة» وأنها تتصرف مثل «فتاة في ملعب مدرسة».
وأثارت التصريحات صدمة في صفوف الاشتراكيين أيضاً حيث تسود منافسة محتدمة قبل مؤتمر الحزب الاشتراكي المقرر في تشرين الثاني لتعيين أمين عام جديد للحزب. ورأى الوزير السابق جاك لانغ أن «التقليل» من دور نيكولا ساركوزي ينم عن «خبث نادر وقلة لباقة معنوية»، فيما وصف النائب فيليب مارتان كلام رويال بأنه «مؤسف ومثير للدهشة إلى حد ما».
(أ ف ب، أ ب، رويترز)