الحرب الأميركية الباردة مع إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، وإدراجها في مركز «محور الشرّ»، وما انبثق منها من عقوبات اقتصادية، لم تمنع البضائع الأميركية من التدفّق على الجمهورية الإسلامية، ومن ضمنها معدّات عسكرية. وسجّلت الصادرات الأميركية إلى إيران نمواً بعشرات الأضعاف في عهد الرئيس جورج بوش.وسمحت القوانين الأميركية بتصدير المنتجات الزراعية والدواء وبعض المنتجات الأخرى إلى إيران، رغم الحظر. وبرّر مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة (الذي يفرض العقوبات)، آدم شوبين، ذلك بأن «العقوبات تستهدف النظام، لا الشعب».
لكن تقارير الحكومة الأميركية تُظهر أنّ الصادرات الأميركية من الأسلحة والمعدّات العسكرية إلى إيران تجاوزت قيمتها 148 ألف دولار (94.560 يورو) خلال عهد بوش، من ضمنها بنادق عسكرية وزوائدها، إضافة إلى «معدات طائرات وسفن»، وهي معدات لازمة لإطلاق طائرات من على حاملات الطائرات وتصليحها، رغم أن الإدارة الأميركية لا تعتقد أنّ البحرية الإيرانية تمتلك حاملات طائرات أو تديرها.
قد تكون الأرقام أعلاه قليلة جداً، ولكن المعدّات العسكرية يمكن أن تباع ببضعة قروش إذا ما قورنت بما تدفعه وزارة الدفاع لشركات الأسلحة. ففي العام الماضي، ضبطت السلطات الفدرالية أربع طائرات «أف 14» بيعت إلى مشترٍ محلي إيراني من ضابط في وحدة كاليفورنيا للقوات البحرية والجوية، في مقابل 2000 إلى 4000 دولار. استفاد الضابط من إجراءات صندوق خاص في وحدته كي يبرم صفقته، فيما كانت طائرة «أف 14» الجديدة تباع بـ 38 مليون دولار.
ولم يعتبر شوبين تلك الصفقة بمثابة تصدير معدّات عسكرية، مشيراً إلى أنّ تسجيلات الشحن ربما كانت قد وقعت في نوع من الخطأ، كوضع البضائع ضمن مدوّنات السلع الأساسية أو تسجيل «إيران» بأنّها المقصودة بدلاً من «العراق».
وأُبرمت صفقات لقطع طائرات تقدّر بما لا يقل عن 620 ألف دولار. وتجدر الإشارة إلى أنّ إيران تعتمد على الأجزاء الفائضة من الدول الأخرى لتشغيل طائراتها العسكرية والتجارية. وفي بعض الحالات، تسمح العقوبات الأميركية ببيع إيران معدّات الطائرات المدنية.
ويبدو أن الحكومة الأميركية لا تسيطر على جهود وضع حدّ للتبادل التجاري مع إيران، فعندما ارتأت لجنة الأمن والتبادل أن تسلّط الضوء على الشركات العاملة في طهران، اشتكت كارتلات الأعمال، وفي حالات أخرى سمحت وزارة الخزانة لبعض الشركات والأفراد المتورطين في التجارة غير القانونية مع إيران بالإفلات من العقاب. وقد حصدت إدارة بوش غرامات بملايين الدولارات من المخالفين لقواعد التجارة، وضغطت على الكونغرس كي يمرّر قوانين تشدّد الإجراءات الردعية.
وعلى رأس الصادرات الأميركية إلى طهران، إضافة إلى الأسلحة، تجد السجائر الأميركية التي بلغ حجمها 158 مليون دولار، وشحنات أخرى من الألبسة الداخلية، وألبسة الفرو، وأدوات التجميل، والعطور، فضلاً عن المنتجات الزراعية بمئات ملايين الدولارات.
وقليلة هي الأذون، التي تطلبها الشركات من السلطات الأميركية كي تصدّر سلعها إلى إيران، وتلغيها وزارة الخزانة. فخلال السنوات الماضية، تلقّى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الوزارة 4523 ترخيصاً للتجارة مع إيران، صدّقت على 2821 منها على الأقل، وعدّلت 213، وألغت 178.
(أ ب)