Strong>لا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت المعركة. مناورات عسكريّة وتجارب صاروخيّة بالستية إيرانيّة في الخليج، تحاول الدوائر البحثيّة الغربيّة والإسرائيليّة التخفيف من أهميتها. ومع ذلك، يُخشى أن تكون تطورات تسبق عاصفة محتملة تؤسّس لتحولات جديدة في المنطقةواصلت طهران أمس مناوراتها العسكريّة في الخليج، مختبرةً مزيداً من الأسلحة، وسط قلق دولي واسع من إطلاق صواريخ بعيدة المدى قد تهدّد إسرائيل وأساطيل الاحتلال الأميركي في المنطقة.
وقال التلفزيون الرسمي الإيراني: «في اليوم الثالث (مساء الأربعاء ـــــ الخميس) من مناورات الرسول الأعظم 3 في الخليج الفارسي، كان أهم الأحداث إطلاق صواريخ بر ـــــ بحر، وأرض ـــــ أرض وبحر ـــــ جو»، أطلقتها القوات البحرية التابعة للحرس الثوري.
وشملت المناورات إطلاق طوربيد «الحوت»، الذي كشفت عنه إيران في نيسان 2006، ووصفته في ذلك الوقت بأنه سلاح بالغ السرعة قادر على ضرب غوّاصات «العدو».
وفي السياق، أعلن القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية، اللواء محمد علي جعفري، أن «قوات حرس الثورة أثبتت خلال الأعوام الثلاثين الماضية أنها على أتمّ الجهوزية للدفاع عن البلاد» و«الردّ على تهديدات الأعداء».
وقال اللواء جعفري إن مناورة «الرسول الأعظم 3» التي جرت خلال الأيام الماضية «عزّزت قدرة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي درس عبرة لأعداء الشعب الايراني»، مشيراً إلى أن «أهداف المناورة، التمرين في الظروف الصعبة خلال الليل والنهار والإطلاق المتزامن للصواريخ للردّ السريع والحاسم وتوجيه الضربات رداً على هجمات العدو المفترض».
في المقابل، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، خلال زيارة إلى جورجيا: «نحن نبعث برسالة إلى إيران بأننا سندافع عن المصالح الأميركية... ومصالح حلفائنا» في إشارة واضحة إلى إسرائيل، التي هدّد مسؤولون إيرانيون الأسبوع الماضي بـ«إحراق» عاصمتها تل أبيب.
وأضافت رايس: «نحن نتعامل بجديّة كبيرة جداً مع التزامنا بمساعدة حلفائنا على الدفاع عن أنفسهم، ويجب ألا يختلط الأمر على أحد بخصوص ذلك».
ومن جهته، قال مدير وكالة الدرع الصاروخية الأميركية، الجنرال هنري أوبرنغ، إن الصواريخ الإيرانية التي اختُبرت تؤكّد «الحاجة الماسّة» للمضي قدماً في خطط إقامة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية.
وقال أوبرنغ، من براغ حيث وقّعت بلاده اتفاقية مع جمهورية تشيكيا لإقامة رادار لكشف الصواريخ على أراضيها: «ليس من الواضح ما إذا كانت إيران قد قامت بهذه التجربة بالفعل، ليس لدي معلومات ضمنية مؤكدة، لكن يعتمد ذلك على ما صرّح به الإيرانيون أنفسهم. هذا يؤكد الحاجّة الملحة لما نقوم به من أجل الدفاع الصاروخي».
كما أعربت الصين عن قلقها. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، ليو جيانتشاو للصحافيين رداً على سؤال عن التجارب الصاروخية التي أجرتها إيران: «نحن قلقون بشأن الوضع في الشرق الأوسط». وأضاف أن «الوضع في الشرق الأوسط معقّد وحسّاس، ونأمل أن تسهم تصرفات الأطراف المعنيّة في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة».
أما اليابان فقد دعت من ناحيتها، إيران إلى ضبط النفس. وقال كبير المتحدثين باسم الحكومة اليابانية، نوبوتاكا ماشيمورا، إن اليابان «تدعو بقوة إلى ضبط النفس في هذا النوع من التصرفات التي تهدد سلام المنطقة واستقرارها».
وأضاف ماشيمورا: «لا أعرف ما هو منطقهم الدولي في إطلاق صاروخ عمداً في آخر يوم من قمة» الدول الثماني الصناعية الكبرى التي انعقدت في هوكايدو اليابانية، مشيراً إلى «أن قيامهم بمثل هذه الأعمال يكثّف النقاش في فرض عقوبات على إيران».
وفي السياق، قال خبراء إسرائيليون وغربيون إن صاروخ «شهاب 3»، الذي أطلقته إيران الأربعاء، ليس صاروخاً حديثاً ومتطوراً مثلما أعلن قادة في حرس الثورة الإيرانية.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن الخبير عوزي روبين، المدير السابق لمشروع «حوماة» التابع لجهاز الأمن الإسرائيلي الذي طوّر صاروخ «حيتس» المضاد للصواريخ، قوله إن الصاروخ الإيراني ليس حديثاً «ومما شاهدته، فإن هذا طراز قديم من شهاب 3 وعلى عكس ادعاءات الإيرانيين، فإنه ليس قادراً على الوصول إلى مدى 2000 كيلومتر، بل لمدى 1300 كيلومتر فقط».
وقالت «هآرتس» إن صاروخ «شهاب 3» قادر على الوصول إلى إسرائيل في حال إطلاقه من منطقة الحدود الغربية الجنوبية لإيران.
وقال خبير الصواريخ الإسرائيلي، الدكتور نتان فربر، إن «شهاب 3» هو صاروخ يعتمد على محرّك وقود سائل، ولذلك ينبغي شحنه قبل إطلاقه، الأمر الذي يستغرق وقتاً ويجعله عرضة للانكشاف.
وفي السياق، ذكر الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أندرو بروكس أن «امتلاك بعض الصواريخ» لن يمنع إسرائيل من المضي قدماً إذا شعرت بأن عليها قصف إيران حتى تمنعها من امتلاك أسلحة نووية.
وقال المحلل الدفاعي، بول بيفر، إن برنامج إيران الصاروخي متقدم بالفعل، لكنه ما زال بحاجة إلى الدقّة وأنظمة التوجيه المناسبة للمسافات الطويلة. ومضى يقول: «إنهم ما زالوا بعيدين إلى حد ما عن تهديد إسرائيل أو القواعد الأميركية».
وفي إطار انعكاسات الأوضاع السياسية على الاستثمارات الاقتصاديّة في إيران، أعلن رئيس شركة «توتال» النفطية الفرنسية العملاقة، كريستوف دو مارجيري، أن الاستثمار في إيران حالياً هو مجازفة سياسية، في الوقت الذي تضغط فيه الحكومة الغربية على الشركات لقطع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية.
وقال دو مارجيري، لصحيفة «فاينانشال تايمز»، «اليوم سنتحمل مجازفة سياسية كبيرة إذا استثمرنا في إيران، لأن الناس يقولون: توتال مستعدة لفعل أي شيء من أجل المال».
لكن وزير النفط الإيراني، غلام حسين نوذري، أعلن من جهته، أن إيران ستمضي قدماً في تنفيذ مشروع لتطوير حقل غاز سواء بمشاركة شركة «توتال» الفرنسية أو من دونها.
(أ ب، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)