strong>طالبت سوريا، أمس، الولايات المتحدة بأداء دور حاسم في مباحثات السلام الجارية بينها وبين تل أبيب، فيما نقلت صحف إسرائيلية عن مصادر تركية عدم استبعادها حصول لقاء بين وزيري خارجية سوريا وإسرائيل في آب المقبل، تمهيداً لإطلاق المفاوضات، وسط تخوف إسرائيلي من أن يؤدي ذلك إلى انهيار العزلة الدولية على سوريا في وقت قريب
دعا السفير السوري لدى الولايات المتحدة، عماد مصطفى، الولايات المتحدة إلى أداء دور حاسم في مباحثات السلام الجارية بين إسرائيل وسوريا، معرباً عن اعتقاده بأن هذه المباحثات لا يمكن أن تصل إلى نتيجة إيجابية من دون المشاركة الأميركية.
وأوضح مصطفى، في مقابلة مع صحيفة «وال ستريت جورنال» الأميركية، أن دمشق تعتقد أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة القادرة واقعياً على تحقيق اتفاقية سلام بين الدولتين، وأن ثقة إسرائيل بالولايات المتحدة تجعل من واشنطن محوراً مركزياً في تطبيق أي اتفاقية سلام محتملة. وأضاف: «يمكن تحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل، لكن ذلك يتطلب التزاماً كاملاً من الولايات المتحدة. سوريا تملك رغبة صادقة وجدية في الوصول إلى أفضل العلاقات مع واشنطن».
وذكرت الصحيفة أن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش منقسمة حول ما إذا كان عليها الانخراط مع سوريا بشكل فعال أو لا، لافتة إلى أن موقفها المتشدد حيال سوريا يثير انتقادات في كل من واشنطن وتل أبيب، وخصوصاً أنه أسهم في التنازل عن رعاية المفاوضات بين سوريا وإسرائيل إلى دولة ثالثة، هي تركيا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن المباحثات السورية ـــــ الإسرائيلية لم تتطوّر إلى درجة يمكن تبنيها وأن الدبلوماسيين الإسرائيليين والسوريين يقومون حالياً بطريقة غير مباشرة بالبحث في إجراء مفاوضات بشأن مرتفعات الجولان من خلال الوساطة التركية.
وبحسب هؤلاء المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية، فإن أيّاً من الطرفين لم يطلب رسمياً بعد تدخّل الولايات المتحدة مباشرة. ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، توم كايسي، «إذا تقدم الإسرائيليون والسوريون منا بطريقة مشتركة، فإننا بالتأكيد سوف ندرس طلبهم».
وفي موقف لافت، رأى نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حاييم رامون، في كلمة ألقاها أول من أمس أمام مؤتمر عن الشرق الأوسط في واشنطن، أن «محادثات السلام بين إسرائيل وسوريا لن تثمر أي نتيجة».
إلى ذلك، قالت صحيفة «معاريف»، أمس، إن وزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني ووزير خارجية سوريا وليد المعلم قد يلتقيان للمرة الأولى في أواخر آب المقبل. ونقلت الصحيفة عن جهات تركية قولها إن هذا اللقاء سيكون استهلالاً لبدء المفاوضات المباشرة بين الطرفين. وأضافت هذه الجهات أن الجولة الثانية من الاتصالات غير المباشرة الجارية تحت الرعاية التركية ستُعقَد يوم الخميس من هذا الأسبوع، وأوضحت أن الطرفين الإسرائيلي والسوري لم يخوضا بعد في المسائل الساخنة مثل خط الحدود وعلاقات دمشق مع طهران.
من جهتها، أفادت صحيفة «هآرتس» بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية تشعر بالقلق من «تقرّب الدول الأوروبية من سوريا» بعد سنوات العزلة الدولية التي واجهتها دمشق. وأشارت إلى أن الوزارة أرسلت الأسبوع الماضي مذكرة إلى الممثليات الإسرائيلية الدبلوماسية في أوروبا تتضمن تعليمات بالطلب إلى العواصم الأوروبية «إظهار الحذر» في اتصالاتها مع سوريا لأنها «لم تثبت بعد جدية نياتها في المفاوضات مع إسرائيل».
وتأتي الخطوة الإسرائيلية على خلفية ما يبدو أنه بوادر انفتاح أوروبي جديد على سوريا، بعدما كان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قد أجرى الخميس الماضي اتصالاً هاتفياً بنظيره السوري، بشار الأسد، شكره فيه على الدور السوري في «اتفاق الدوحة» اللبناني. كما زار وزير الخارجية الأسباني، ميغل أنخل موراتينوس، العاصمة السورية بعد فترة طويلة من الانقطاع عنها.
وأوضحت الصحيفة أن سفراء إسرائيل في كل من لندن وباريس وبرلين ومدريد وبروكسل وروما وأنقرة تلقوا برقية سرية ورد فيها أن «هذه الأحداث تمثّل باكورة أولى قد تبشر بانهيار كامل للعزلة الدولة المفروضة على سوريا». وبحسب الصحيفة تتضمن البرقية، التي كتبها نائب مدير قسم أوروبا الغربية في الوزارة، رافي باراك، توجيهات للقيام بنشاط دبلوماسي حيال وزارات الخارجية في هذه الدول بغية تذكيرها بأن «المفاوضات (السورية الإسرائيلية) لم تبدأ بعد، ولذلك عليها أن تكون حذرة ومنضبطة في اتصالاتها بسوريا». وشددت البرقية على ضرورة تذكير الأوروبيين بأن «سوريا تواصل تهريب السلاح إلى حزب الله وتدعم حماس والجهاد الإسلامي، كما أنها لم تنفك عن إيران. هذه كلها مواضيع مثيرة جداً للقلق بالنسبة إلى إسرائيل، وهي لا تزال على الطاولة ولم تحل».
وقالت الصحيفة إن مضمون المذكرة لم يُنسق مع مكتب رئاسة الوزراء الذي يدير الاتصالات السياسية مع دمشق بوساطة تركيا، وأشارت إلى أن جهات في الخارجية الإسرائيلية أعربت عن قلقها من أن يقود إعلان استئناف المفاوضات بين سوريا وإسرائيل ودعم دمشق لاتفاق الدوحة إلى تراجع الضغط الدولي على سوريا.
وقالت الصحيفة إنها علمت أن ساركوزي وجه في اتصاله الهاتفي بالأسد دعوة له للمشاركة في قمة اتحاد الدول المطلة على البحر المتوسط التي ستعقد في باريس في الثالث عشر من تموز المقبل. كما أعرب ساركوزي، بحسب الصحيفة، عن رغبته في لقاء الرئيس السوري على انفراد خلال القمة. وأشارت الصحيفة، في السياق نفسه، إلى أن وزير الخارجة السوري، وليد المعلم، كان قد أبدى في اتصالات أجراها مع مكتب ساركوزي رغبة سوريا في أن تقدم فرنسا الدعم للمفاوضات بين دمشق وتل أبيب.
(الأخبار، يو بي آي)