strong>117 يوماً فقط تمكّنت خلالها التركيات من ارتداء الحجاب، أو «رمز الإسلام السياسي» كما وصفه العلمانيّون. وصف وافق عليه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان... عاد الحظر، ومعه الخوف من أن ينتهي مشوار حزب العدالة والتنمية بعد 7 سنوات على تأسيسه، وتركيا على باب انتخابات تشريعيّة مبكّرة قد يقرّرها الحزب الحاكم الواقع تحت الصدمة
أرنست خوري
مرّة جديدة تكرّس المحكمة الدستوريّة نفسها مؤسّسة فوق جميع المؤسّسات التركيّة، لا بل فوق الدستور نفسه. 80 في المئة من النواب، أي 411 من أصل 550، أقرّوا تعديلاً دستورياً للمادتين 10 و42 في 9 شباط الماضي لتخفيف القيود على ارتداء الحجاب الإسلامي في الجامعات، وها هم 9 قضاة فقط يلغون «إرادة ممثّلي الشعب» بجرة قلم: درس في انتصار الأقليّة على الأكثريّة!المادّة 148 تحصر حقّ المحكمة بمناقشة التعديلات الدستوريّة من حيث «الشكل» فقط، فيقوم القضاة بالعكس ويفتون بأنّ من حقّهم مناقشة المضمون، ويعلّلون حكمهم استناداً إلى أنّ السماح بارتداء الحجاب يتناقض والمادّتين 2 و4 من الدستور، على اعتبار أنّ «العلمانية» مبدأ لا يمكن المسّ به: سخرية موظّفين من الدستور ومن إرادة شعبيّة ساحقة.
قيمة حكم المحكمة أول من أمس فائقة. لكن رغم ذلك، الأنظار والنقاشات لن تطول حوله. الأهمّ ستكون الخطوة التالية: حكم دعوى حظر الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» ومنع 71 من قيادييه من مزاولة العمل السياسي.
قبل حكم الخامس من حزيران، كان التشاؤم يلفّ الأوساط المقربة من رجب طيب أردوغان على اعتبار أنّ قرار الإعدام السياسي بحقّه وحزبه قد اتُّخذ، وسيكون قرار القضاة أسود. وبعكس هذا التشاؤم، كان أنصار الحكومة متفائلين بخصوص حكم الحجاب، وهو ما برّر رواج استخدام عبارات «الصدمة» و«البلفة» التي وزّعتها الصحف التركيّة والتعليقات الإعلاميّة يوم أمس.
دائماً ثمة من يحمّل أردوغان ورجاله مسؤوليّة فتح المجال واسعاً أمام حرّاس الهيكل العلماني بضرب إنجازاتهم؛ فهم قرّروا بملء إرادتهم احترام «قواعد اللعبة» السياسيّة التركية، وفضّلوا عدم السير بخطوات جذريّة، كطرح دستور جديد للجمهوريّة التركيّة أمام الاستفتاء العام، بدل محاولات المساومة لتحصيل مكاسب محدودة لا ترقى لأن تكون ثورة دستوريّة على حكم العسكر المغلف بقشور حزبيّة ومؤسسات «ديموقراطيّة».
ربما دقّت الساعة؛ فـ«العدالة والتنمية» عقد عند الثالثة من عصر أمس، اجتماعاً مفتوحاً وطارئاً لوضع «خريطة طريق» قصيرة للمرحلة المقبلة. أمام حكّام أنقرة غير المتحكّمين سوى بشؤون حزبهم، خيار من اثنين: حلّ البرلمان فوراً والدعوة إلى انتخابات مبكّرة، أو المحافظة على رباطة جأشهم وانتظار حكم دعوى حظر الحزب للقيام بتلك الخطوة.
حظر الحزب بات شبه حتميّ. غير أنّ الحسابات التي ستحسم قرار إجراء انتخابات مبكّرة فوراً أو بعد إعلان حكم حظر الحزب يحكمها معيار واحد: تحصيل أقصى حدّ من الشعبيّة للحزب. فهناك من بات يقول داخل الحزب الحاكم، إنّ انتظار بضعة أشهر حتّى صدور حكم المحكمة الدستوريّة سيؤمّن له تعاطفاً شعبياً أكبر على اعتبار أنّه سيُصوَّر وسيصوّر نفسه أنه المظلوم المسكين: درس آخر في جلد الذات.


تواريخ في مسيرة الحجاب

ـــ 7 آذار 1989: قرّرت المحكمة الدستوريّة منع ارتداء الحجاب في الجامعات التركيّة.
ـــ 25 تشرين الأوّل 1990: أُدخل نصّ جديد على قانون التعليم العالي يقيّد حريّة ارتداء الملابس بما لا يتناقض مع القوانين، وما المقصود هنا سوى منع ارتداء الحجاب.
ـــ 6 كانون الأوّل 1995: وصل العلماني المتشدّد كمال غوروز إلى رئاسة مجلس التعليم العالي وفرض قيوداً مشدّدة جداً لمنع أي مظهر إسلامي في الجامعات.
ـــ 13 كانون الأوّل 2007: عُقدت تسوية بين الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» والحزب المعارض «الحركة القوميّة» قام بموجبه رئيس الحزب المعارض دولة بهشلي بطرح مشروع تعديل دستوري.
ـــ 9 شباط 2008: أقرّ التعديل الدستوري للمادتين 10 و42 بغالبية ساحقة مع تأييد 411 نائباً من أصل 550. تعديل أقره الرئيس عبد الله غول بعد 13 يوماً.
ـــ 27 شباط: تقدّم حزب الشعب الجمهوري المعارض بدعوى إلغاء التعديل الدستوري إلى المحكمة الدستوريّة. إلغاء أصدرته المحكمة في 5 حزيران 2008.