معمر عطويفقد بلغت المشكلة ذروتها بين الطرفين المتنازعين في الأشهر الأولى من العام الجاري، حين انهار الائتلاف الحاكم الذي قاده الرئيس بوريس تاديتش والحزب الديموقراطي الصربي بزعامة رئيس الوزراء السابق، فويسلاف كوستونيتشا، ما دفع تاديتش في 13 آذار إلى حلّ البرلمان وإعلان إجراء انتخابات مبكرة في 11 أيار. أما سبب هذه المشكلة، فهو في جوهره، خلاف على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، بعدما اعترفت معظم دوله باستقلال كوسوفو.
يصنّف ميقاتي، الذي يعمل مستشاراً لرئيس الحزب الراديكالي القومي، التيارات المتنازعة على المسرح السياسي بأنها ذات توجهين واضحين، الأول وطني ـــــ قومي يرفض التبعيّة للغرب، والآخر موالٍ للغرب ويعمل وفق التوجهّات الأميركية. ويقول «هناك التحالف الوطني ويضم الحزب الراديكالي (78 مقعداً) بقيادة تويسلاف نيكوليتش والحزب الديموقراطي الصربي (30 مقعداً). وفي المقابل، هناك القوى الديموقراطية المواليّة للغرب، التي تضم مجموعة من الأحزاب بقيادة الحزب الديموقراطي» الذي يقوده الرئيس تاديتش (103 مقاعد)، فيما يتعرّض الحزب الاشتراكي الصربي (الرئيس السابق سلوبودان ميلوسوفيتش) لضغوط من أجل ترك حلفائه التقليديين والانضمام إلى الحلف الموالي للغرب.
وبحسب المسؤول الصربي ذي الجذور الفلسطينية، فإن «القوى الديموقراطية» لم تحقق النعيم المنشود والوعود المتعلقة بتحسين الشروط الاقتصادية والمعيشية، والذي صاحب مرحلة تقسيم يوغوسلافيا؛ فالبطالة وصلت إلى أعلى مراحلها، إذ بلغ عدد العاطلين عن العمل مليون شخص. كما أن الخصخصة التي جرت لم تخدم المصلحة العامة، و«عُدّت خصخصة لصوصية بيعت خلالها مؤسسات اقتصادية مهمة بأثمان بخسة في مقابل عمولات ذاتية».
ويرى ميقاتي أن صربيا «لم تستطع أن تحافظ على كيانها المتّحد والمستقّل رغم وعود الغرب بأن كل القضايا السيادية ستُحل ديموقراطيّاً إذا ما تمّت إزالة ميلوسوفيتش». ما جرى هو أن الجبل الأسود فُصل عن يوغوسلافيا، وبدأت مرحلة تفتيت صربيا مع استقلال كوسوفو، وبالتالي انتهت يوغوسلافيا إلى الأبد.
ويضيف ميقاتي إن إعلان استقلال كوسوفو، تمّ من خارج إطار مجلس الأمن والقانون الدولي، وجرى تصعيد الشعور الانفصالي لدى مقاطعة فيفودينا. كل ذلك بسبب ما تتمتع به هذه المنطقة من ثروات طبيعية وأراضٍ زراعية من أخصب الأراضي الأوروبية. ويقول «عوامل عديدة حملت كوستونيتشا، الذي صدّق وعود أميركا في البداية، على ترك تحالف القوى الموالية للغرب فانقلب على حلفائه الغربيين». ويتابع «لقد شعر الرأي العام بدوس كراماته القوميّة، فجرى تدمير مقوّماته الاقتصاديّة وأصبح عمليّاً تابعاً ذيلياً للقوى الغربيّة، حيث وصلت الديون الخارجيّة الى أكثر من 30 مليار دولار، إضافةً إلى عجز تجاري يُعدّ ديوناً مستترة، بلغ 20 مليار دولار».
هذا الواقع المزري أدى أيضاً إلى أن يستعيد الحزب الراديكالي موقعه في الجسم الانتخابي الذي فقده عام 2000، حيث كان يشارك في حكومة وحدة وطنية بقيادة ميلوسوفيتش إبّان «العدوان الأطلسي على يوغوسلافيا».
ومنذ عام 2004 حتى الآن استطاع الحزب أن يكون الأقوى في برلمان صربيا. لكن القوى الغربيّة منعت تأليفه ائتلافاً يقود به الحكومة بكل الوسائل. لذلك يشير المسؤول الصربي إلى أن الحزب الراديكالي، عرض على كوستونيتشا بعد الانتخابات الأولى تأليف حكومة مشتركة وبعدما وافق جرت ضغوط قويّة عليه لمنعه، بينما رفض الحزب الراديكالي إشراك الحزب الديموقراطي لأنه مسؤول عما جرى.
الحزب الراديكالي الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على أعلى نسبة من المقاعد (78 مقعداً من 250)، لا يزال غير قادر على تأليف حكومة منفرداً لأنه لم يستطع أن يُكوّن غالبية. لهذا هناك اتفاق مبدئي مع حزب كوستونيتشا (الديموقراطي الصربي) على إنشاء ائتلاف يضم إليه الحزب الاشتراكي الصربي. لكن ميقاتي يشير إلى «ضغوط رهيبة على الحزب الاشتراكي من الغرب من أجل أن ينضمّ إلى الائتلاف الذي يقوده الحزب الديموقراطي ويتخلّى عن حلفائه الطبيعيين (الحزب الديموقراطي الصربي والحزب الراديكالي)». لذا فإن الائتلاف المقبل ينتظر موقف الحزب الاشتراكي، الذي يعدّ «بيضة القبّان».
وبشأن النقاط الخلافية، يقول المسؤول الراديكالي إنها تترّكز على 3 نقاط يؤمن بها حزبه:
1- ربط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بتراجع الاتحاد عن الاعتراف باستقلال كوسوفو والاعتراف بأنها جزء لا يتجزأ من صربيا.
2- ضرورة انفتاح صربيا في علاقاتها وتعاملاتها مع الشرق والغرب والشمال والجنوب، حيث إن الحكومات المتتالية بعد عام 2000 أعطت كل الأولويات الاقتصاديّة والعسكريّة والثقافيّة في العلاقة مع أميركا ودول الاتحاد الأوروبي وأهملت العلاقات الطيبة مع دول مهمّة مثل روسيا والصين والهند. وتحالفات إقليمية مع الدول العربية ودول أميركا اللاتينية.
3- قضيّة مكافحة الفساد.