ربى أبو عموالأمر بطبيعة الحال يزعج ميدفيديف، وإلاّ ما كانت وسائل الإعلام الروسية اكترثت لمكان الجلوس. لكن في اللقاء ما قبل الأخير بينهما، سارع الرئيس إلى احتلال الجهة اليسرى، فلم يبق من خيار لرئيس الوزراء سوى الجلوس يميناً.
هذا هو الشغل الشاغل للمحلّلين والمستثمرين الروس، الذين باتوا يبحثون عن أدلة لتحديد الأقوى. بالنسبة إلى البرامج التلفزيونية التابعة للدولة، فإنها ترى أن بوتين يتربع على السلطة، بغض النظر عن تبادله المقاعد مع ميدفديف.
في نظرة سطحية للأمور، يبدو مدفيديف في المقدمة. خلال الشهر الأوّل الذي تلا انتخابه رئيساً، ذكره تلفزيون الدولة 811 مرة، في مقابل 639 مرة لبوتين، بحسب مركز البحث الإعلامي «ميديالوجيا». وفيما حصل ميدفيديف على 19.3 ساعة من البث، نال بوتين 18.3 ساعة في عدد من البرامج التلفزيونية.
ورغم تفوق الرئيس على رئيس وزرائه من حيث عدد النقاط، إلّا أن الناقدة السياسية في محطة «إزفيستيا»، إيرينا بتروفسكايا، رأت أن «بوتين يبقى اللاعب الأساسي في الساحة السياسية. فغالبية التقارير التلفزيونية، تصوّره باعتباره رجلاً مشغولاً، بينما يحظى ميدفديف بدور الممثّل، كأنه يكتفي بقص أشرطة الأطفال الحمراء».
هذا ما تظهرة معظم وسائل الإعلام الروسية. فهي تبدو مقتنعة بأن عصا روسيا السحرية لا تزال في قبضة بوتين، يستطيع من خلالها السيطرة والتحكم بالكرملين بطريقة دبلوماسية، ولغة روسية مهذبة، وابتسامة محنطة لا تفارق محياه.
في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، بثّت نشرة الأخبار تقريرين، أظهر الأول بوتين وهو يخاطب المجلس العام للأكاديمية الروسية للعلوم، والثاني يشير إلى وصول بوتين إلى فرنسا في زيارة عمل. وبين التقريرين ثالث لميدفيديف يتضمن نشاطاته الروتينية: حوار هاتفي مع الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو، ولقاء مع وزير العدل ألكسندر كونوفالوف. كانت مدة التغطية التي حصل عليها بوتين 14 دقيقة وثانية في مقابل 6 دقائق و4 ثوانٍ لمدفيديف.
قبل انتقال بوتين إلى البيت الأبيض (مقر رئاسة الحكومة)، نادراً ما كان يحظى رؤساء الوزراء بتغطية إعلامية. ففي بعض الأحيان كان رئيس الوزراء السابق فيكتور زوبكوف يغيب عن التداول الإعلامي لأيام. مع بوتين، حصل العكس.
مقدم البرامج سرغاي دورينكو، يرى أن «التصرف السلطوي لا يزال في قبضة بوتين». الروس يرون أن بوتين هو نجمهم. ولا يهم مركزه اليوم. تقدّر بعض وسائل الإعلام أن بوتين هو الشخصية الأخطر في السياسة الروسية، ما يضطرهم إلى التركيز على تغطية نشاطاته بشكل يفوق الرئيس.
هي مرحلة انتقالية. لا بد أن يكون في نهاية المطاف رئيس واحد، رغم أن البطل لا يموت.