شهدت العلاقة الفرنسيّة ـــ السوريّة أمس ما يمكن تسميته بـ«صفحة جديدة»، بناءً على الانفتاح الذي أبداه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على دمشق بعد اتفاق الدوحة اللبناني. إلا أن الانفتاح يعكّره تحفظ أعلنت عنه واشنطن رسميّاً تجاه السياسة الجديدة لباريس
باريس ــ بسّام الطيارة

في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ ثلاث سنوات من القطيعة، وصل وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا أمس إلى باريس، للمشاركة في «أيام الثقافة السورية». زيارة وصفتها المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني بأنها «تندرج في إطار الصفحة الجديدة» التي تأمل باريس فتحها وكتابتها في إطار تطوير العلاقات «التاريخية» بين سوريا وفرنسا.
وأكدت أندرياني أن آغا وصل إلى باريس «تلبية لدعوة رسمية». ويمكن اعتبار هذه الزيارة «تجسيداً لعودة المياه بين باريس ودمشق» بعد «العناصر الإيجابية» التي ساعدت على استئنافها على مستوى رفيع، في إشارة إلى «التسهيلات» التي قدمتها سوريا لانتخاب رئيس لبناني، مذكرة بمهاتفة ساركوزي نظيره السوري بشار الأسد.
وعلمت «الأخبار» أن الوزير السوري حضر إلى جانب نظيرته الفرنسيّة كريستيان ألبانيل طاولة مستديرة تحت عنوان «تواصل الثقافات»، شارك فيها عدد كبير من الفاعليات الثقافية، وأجمع خلالها المتحاورون على أهمية «الثقافة في دحر صراع الثقافات». وألقى آغا كلمة نوه فيها بالعلاقات بين البلدين، مشدداً على أنها لم تنقطع وأن التعاون مستمر ومتصاعد.
كما زار آغا مكتبة فرنسا الكبرى واجتمع إلى رئيسها برونو راسين، وتباحثا في إمكانات التعاون المتبادل، وخصوصاً في مجال تبادل المخطوطات والتعاون في مجالات حفظها. ويرى أكثر من مراقب أن زيارة آغا، رغم كونها تقع في سياق «مهرجان ثقافي»، إلا أنها تعبر عن «رغبة بتطوير نوعي» للعلاقات بين سوريا وفرنسا، والتي لا يكف الدبلوماسيون عن وصفها بـ«التاريخية».
ويشدد المراقبون في باريس على أن الرغبة بفتح «صفحة جديدة» بين دمشق وباريس ليست مبنية «فقط» على الرغبة بإنجاح «القمة من أجل المتوسط» كما يكتب في الصحف، بل إنها «عودة طبيعية لمسار علاقات بدأت منذ استلام بشار الأسد الحكم»، وخصوصاً أن «مشاركة الأسد في قمّة المتوسط لا تزال ضمن الوعود المعطاة بالحضور»، ولم تصل إلى «واقع التأكيد». وينتظر الأمر وصول مبعوثي ساركوزي إلى دمشق. كما تشير مصادر أخرى إلى إمكان حصول لقاء بين وزيري خارجية البلدين برنارد كوشنير ووليد المعلم قبل تاريخ القمة في ١٣ تموز.
وتقول مصادر مقربة من السوريين في باريس إن «دمشق لن تعطي جواباً لا يتناسب مع مواقفها الثابتة من القضايا القومية». وتشدد على أن «باريس تدرك أن أي سلة تحفيزات»، لا يمكن أن تدفعها لتغيير هذه المواقف.
في هذا الوقت، أعربت الولايات المتحدة عن تحفظها عن رغبة الرئيس الفرنسي في إعادة العلاقات مع دمشق، مشيرة إلى أنها ستناقش الأمر مع باريس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، إن «فرنسا والولايات المتحدة تتشاطران الأهداف نفسها للسلام والاستقرار في المنطقة». وأضاف أن «بلدينا يريدان رؤية لبنان يسوده السلام والازدهار ومتحرراً من أي تدخل أجنبي».
لكن المتحدث أضاف «سنتابع مناقشاتنا مع فرنسا بشأن الوسيلة الفضلى لمساعدة اللبنانيين في بلوغ هدفهم لمستقبل أفضل»، ملمحاً إلى أن الولايات المتحدة ستطلب توضيحات من الحكومة الفرنسية. وخلص إلى القول إن «الولايات المتحدة قلقة جداً من تصرف الحكومة السورية، وخصوصاً دعمها الإرهاب وبرنامجها النووي السري، وتسهيلها مرور مقاتلين أجانب نحو العراق وقمع شعبها وتدخلاتها في شؤون جيرانها، بمن فيهم لبنان».