رغم تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن مفاوضات الاتفاقية الطويلة الأمد مع الولايات المتحدة وصلت إلى «طريق مسدود»، فقد توقّع وزير الخارجية هوشيار زيباري أمس، إبرامها بحلول الشهر المقبل، مؤكداً أن الاتفاقية لم تمت. بذلك، يكون زيباري قد كذّب للمرة الثانية كلام المالكي الذي أشار يوم الجمعة الماضي إلى أنّ النسخة الأميركية المعروضة للاتفاقية تمسّ سيادة العراق، وأن المفاوضات بشأنها «وصلت إلى طريق مسدود».
وقال زيباري، لمحطة «سي أن أن» الأميركية أول من أمس، إن الاتفاقية على وضع قوّات الاحتلال في بلاد الرافدين ستوقّع «أواخر تموز» المقبل رغم الصعوبات. وأضاف أن «هذه المحادثات لا تزال جارية. لم تمت». وشدّد، في ردّ شبه مباشر على المالكي، على أنه «ليس هناك من طريق مسدود».
وأوضح أن تصريحات المالكي الجمعة في عمان عن وصول المفاوضات إلى «طريق مسدود» قد تم «تصحيحها وتوضيحها».
وقال زيباري، الذي يشارك في فريق المفاوضات: «أعلم تماماً ما يحدث. لقد حقّقنا تقدماً كبيراً في وضع اللمسات النهائية».
لكنّ رئيس الدبلوماسية العراقية بدا متحفظاً لدى التطرق إلى صلاحيات القوات الأميركية في شنّ عمليات داخل العراق، موضحاًَ أنه «في هذه النقطة، نواجه مسائل صعبة يتعين علينا أن نحلها مثل السيادة والحصانة والسماح ببدء عملية عسكرية. لكن هناك مرونة يبديها الفريق الأميركي المفاوض في جميع هذه النقاط وقد عرض اقتراحات بديلة».
وردّاً على سؤال عن منع الولايات المتحدة من إرسال مقاتلات انطلاقاً من العراق لمهاجمة معسكرات في إيران، أجاب: «لدى واشنطن خيارات أخرى، لأن القدرات العسكرية الأميركية تتجاوز العراق».
في المقابل، أكّد العضو العراقي الكردي المفاوض فؤاد معصوم، لصحيفة «نيويورك تايمز»، أنه «لم يُوافَق على أي بند بعد، والمفاوضات لا تزال في مراحلها الابتدائية». بدوره، رأى القيادي في «المجلس الإسلامي الأعلى» همام حمودي، أن إنهاء الاتفاق قبل 31 تموز «سيكون صعباً جداً».
وأشارت مصادر عراقية مطلعة على المفاوضات، للصحيفة الأميركية، إلى أن الأميركيّين قدموا الكثير من التنازلات في آخر مسودة للاتفاق، لكنهم «لم يقتربوا بما فيه الكفاية من المطالب العراقية». وأضافت المصادر أن اللجنة المفاوضة اجتمعت السبت الماضي لساعات وقررت تسليم قيادة المفاوضات إلى المالكي شخصياً.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب التي قد تسبب تأخير توقيع المعاهدة هو رغبة العراقيين بالاطلاع على المعاهدات الشبيهة الموقعة بين واشنطن وكوريا الجنوبية وألمانيا واليابان، حيث تريد بغداد «توظيف مستشارين أوروبيين لمراجعة تلك المعاهدات بالإضافة إلى معاهدتهم مع الأميركيين».
وحول النقاط الخلافية بين الجانبين، ولا سيما في ما يتعلق بحصانة القوات الأميركية ومن يعمل معها من القانون العراقي، كشف عضو «المجلس السياسي للأمن الوطني» النائب الكردي محمود عثمان، عن أن واشنطن وافقت على خضوع المتعاقدين المدنيين مع الجيش للقانون العراقي، وعلى تسليم بعض السجناء العراقيين إلى السلطات العراقية. وأضاف أن بغداد وافقت على أن يسيطر الأميركيون على المجال الجوي العراقي نظراً لافتقار العراقيين إلى الخبرة الكافية والمعدات اللازمة للتحكم في المجال الجوي.
ميدانياً، أعلن مدير غرفة عمليات وزارة الداخلية، اللواء عبد الكريم خلف، اكتمال الاستعدادات لبدء عملية «بشائر السلام» في محافظة ميسان الجنوبية للقضاء على المسلحين.
وسقط ستة عراقيين بأعمال عنف متعددة في مختلف أنحاء بلاد الرافدين.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)