حسام كنفانيلم يكن لمهمة الوفد «الفتحاوي» في قطاع غزّة أي أثر مباشر على الحوار المرتقب بين حركتي «فتح» و«حماس»، بل من الممكن القول إن الزيارة مثّلت انتكاسة لمحاولة جس نبض الحوار بعد ما رافقها من تسريبات أحبطت الجزء الأهم من عملها، ألا وهو اللقاء المباشر مع قياديي الحكومة المقالة.
الوفد «الفتحاوي»، الذي ضمّ مستشاري الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حكمت زيد ومروان عبد الحميد، عاد الأسبوع الماضي إلى رام الله بحصيلة من اللقاءات العلنية مع المحافظين والشخصيات الوطنية والاجتماعية وهيئة العمل الوطني، ومجموعة من الاتصالات السرّية مع حركة «حماس» لم تفلح في إحداث اختراق في المحادثات.
وأشارت مصادر مطلعة على التقرير الذي قدمه وفد «فتح» بعد عودته إلى أن «الوفد تلقى معلومات بعد وصوله إلى القطاع عن تنظيف وتجهيز مبنى المنتدى (مقرّ الرئاسة الفلسطينية في غزّة)، وسط تكهنات بأن حماس تنوي تسليم المبنى إلى الوفد»، إلا أن المعلومات بقيت في إطار الشائعات التي توحي بحسن نيّة «حمساوي» تجاه مهمة الوفد، إلا أنها لم تجد طريقها إلى التطبيق.
«حسن النيّة» بدأ مع مساعي أطراف ثالثة في قطاع غزة لجمع وفد «فتح» مع قيادة «حماس». إلا أن المساعي لم تجد طريقها إلى التنفيذ خلال اليومين الأوّلين لمهمة الوفد. وتشير المصادر إلى أن التقرير أورد أن اللقاء مع المتحدث باسم الحكومة المقالة، طاهر النونو، «كان عفوياً». وأوضح أن «النونو حضر إلى فندق الديرة لزيارة أناس آخرين. وتصادف مع وجود عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وليد العوض، الذي بادر إلى الاتصال بالطرفين سائلاً إياهما إذا كان لديهما اعتراض على الالتقاء. لم يعترض أي من الطرفين فعمل العوض على جمعهما على مائدة واحدة». وأكد المصدر أن «الحديث كان عاماً واقتصر على المجاملات»، على عكس ما أعلن النونو، إذ لم يتم التطرق إلى دعوة عباس إلى الحوار. وأورد التقرير أن «سلوك النونو كان ودياً وترحيبياً».
ورغم «عموميّة» اللقاء مع النونو، إلا أنه كان بادرة حواريّة بين وفد «حماس» وقيادة «فتح»، تبعها لقاء لم يعلن عنه مع القيادي في «حماس» غازي حمد ومستشار هنية، أحمد يوسف. وأشارت المصادر إلى أن اللقاء مع غازي حمد كان خلال اجتماع للجنة الوفاق الوطني. وأضافت إن حمد، وهو عضو في اللجنة، «اتصل مسبّقاً بحكمت زيد وسأله ما إذا كان حضوره الاجتماع يمكن أن يكون محرجاً فأجاب حكمت بالنفي».
الاجتماع الأوّلي مهّد لزيارة سريّة أخرى قام بها غازي حمد وأحمد يوسف للوفد «الفتحاوي». وبحسب تقرير حكمت زيد، فإنه طلب منهما أن «تقدم حماس على مبادرة ملموسة في مقابل مبادرة الرئيس». وركز على «إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في غزة». حمد ويوسف اقترحا لقاءً مع قيادة «حماس»، وهو ما وافق عليه الوفد على أن يكون اللقاء سريّاً، وفي حال الوصول إلى نتائج محددة يتم إعلانها.
كانت هذه بداية التحضير للقاء هو الأوّل من نوعه بين إسماعيل هنيّة ووفد من «فتح» منذ الحسم العسكري في حزيران عام 2007. لقاء تمّ التنسيق له بين مروان عبد الحميد والمستشار الاقتصادي لهنية، علاء الدين الأعرج، اللذين تربطهما علاقة صداقة قديمة.
لكن خبر اللقاء سُرّب ووصل إلى عباس قبل عقده بوقت قصير، فطلب من الوفد إلغاءه. ورغم عدم وضوح التسريب، إلا أن المصادر تشير إلى أن حكمت زيد «اتهم إسماعيل هنية بإشاعة الخبر بين الصحافيين على أساس أن اللقاء سيكون في مكتب رئاسة الوزراء». وتضيف إن زيد «احتج على إشاعة الخبر، ورفض أن يكون اللقاء مع هنية بصفته رئيساً للوزراء وأن يعقد في مكتبه».
ويبدو أن اللقاء وإلغاءه أثارا إرباكاً داخل «حماس» مع تضارب التصريحات بين المتحدث باسم الحكومة والحركة. ففيما قال النونو إن «هنية لم يكن على جدوله أي لقاء» مع زيد، كان هناك انتقاد من «حماس» لإلغاء اللقاء.