«انتحار جندي» في مطار بن غوريون يثير هلعاً أثناء توديع الضيف الفرنسي وأكد الرئيس الفرنسي، الذي اختتم أمس زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى إسرائيل والضفة الغربية، أن بلاده «تطلب تجميد الاستيطان، ومن ضمنه في القدس الشرقية». وأشاد بعباس الذي يُعَدّ «بالنسبة إلى فرنسا رجل سلام ومحاوراً نثق فيه».
واستبعد ساركوزي أي حوار مع «حماس». وقال: «فرنسا تتحاور مع الرجال والنساء الشجعان الذين يعملون في السياسة، لا في الإرهاب. فرنسا تتحاور مع رجال السلام، لا مع واضعي القنابل». وأضاف: «نحن لا نتحاور مع الإرهابيين».
وأضاف ساركوزي: «أقول لأصدقائنا الفلسطينيين: كونوا نساءً ورجالاً كالرئيس محمود عباس، وتمسكوا بالالتزام السياسي، وابتعدوا عن كل الذين يظنون أن العنف يمكن أن يجد حلولاً للمشاكل». ودعا أيضاً الفلسطينيين إلى دعم رجال «يؤمنون مثل محمود عباس بالاقتراع وليس بالأسلحة وإلى قيام دولة فلسطينية تكون تحت سلطة واحدة لضمان الأمن، وهي الجيش الفلسطيني، لا ميليشيات عصابة إرهابية».
بدوره، قال عباس إن «السلام في المنطقة مرهون برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الذي طال 60 عاماً». وشدد على ضرورة «إزالة الجدار ووقف الاستيطان وكل المعوّقات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في حياته اليومية من أجل تحقيق السلام». وقال: «من حق كل فلسطيني، مسلماً كان أو مسيحيّاً، أن يكون له حرية التنقل والحركة والعبادة». وأضاف أن «الشعب الفلسطيني يحدوه الأمل ليرى مبادئ الثورة الفرنسية في العدالة والأخوة تطبق على أرض فلسطين تطبيقاً شاملاً وعادلاً طبقاً للشرعية الدولية».
ووقّع الرئيسان اتفاقاً ينص على بناء منطقة صناعية بمساعدة فرنسا في بيت لحم، فيما وضعت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشيل اليو ماري، أمس، إكليلاً من الورد على ضريح الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وانتقدت «حماس» تصريحات الرئيس الفرنسي، وقالت إنها «مرفوضة وغير مقبولة وغير منصفة» للشعب الفلسطيني. وقال المتحدث باسمها، فوزي برهوم، إن «تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي بوصفه مقاومة الشعب الفلسطيني بالإرهاب وإلصاقه بحركة حماس وتجاهله للجرائم والمجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أبناء شعبنا مرفوضة وغير مقبولة وغير منصفة للشعب الفلسطيني». وأعرب عن الاستغراب والاستهجان لهذه «التصريحات وإنكار حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، في حين أن الشعب الفرنسي بقيادة شارل ديغول مارس هذا الحق بكل أشكال المقاومة إبان معركة تحرير الأراضي الفرنسية من الاحتلال، إلا إذا كان الرئيس الفرنسي ساركوزي ينكر على الشعب الفرنسي ممارسة هذا الحق».
ووضع الكثير من المراقبين كلام ساركوزي أمس عن استعداده للتوسط في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار محاولته استعادة الدور الأوروبي في العملية السلمية مع اقتراب تولي فرنسا الرئاسة الدوريّة للاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤول فرنسي لوكالة «فرانس برس» إن بلاده مستعدة لاستضافة مفاوضات بين إسرائيل وسوريا أو لبنان على أرضها. وقال دبلوماسي فرنسي: «الانتظار من دون القيام بأي شيء يعني فتح معبر لكل أنواع المتطرفين من أجل أن يحتلوا الساحة»، مضيفاً أن «الرئيس حالياً في مرحلة الاستماع ليحدد مجال التحرك المتاح لفرنسا والاتحاد الأوروبي».
إلى ذلك، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة أن إطلاق نار وقع في مطار بن غوريون أثناء مغادرة الرئيس الفرنسي، مرجحة أن يكون السبب محاولة جندي إسرائيلي الانتحار، ومؤكدة أن ساركوزي لم يصب بأي أذى.
وأضافت الإذاعة أن الجندي حاول الانتحار على بعد نحو مئتي متر من المكان الذي كانت تجري فيه مراسم وداع الرئيس الفرنسي، مشيرة إلى أن إطلاق النار أثار حالة هلع. وتم إجلاء الرئيس الفرنسي إلى طائرته، فيما أُبعد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الوزراء إيهود أولمرت عن المكان. وما كادت حالة الإنذار تُرفع، حتى صعد بيريز وأولمرت إلى متن طائرة ساركوزي لوداعه.
وفي وقت لاحق، أُعلن مقتل الجندي، متأثراً بالجروح التي أصابته، فيما ذكرت تقارير أخرى أن الجندي قتل برصاصة أفلتت من بندقيته من دون أن تشير إلى مسألة الانتحار.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)