بدت حركة «حماس»، أمس، أكثر إصراراً على استمرار التهدئة في قطاع غزة، بعدما أقدمت على تنفيذ تهديداتها ضد منتهكيها، فيما فتح الاحتلال المعابر جزئياً، بالتزامن مع مراوحة في قضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط وظهور سعي الحركة الإسلامية إلى اللعب على عامل الوقت لتحقيق شروطها
غزة ــ قيس صفدي
رام اللّه ــ أحمد شاكر
القاهرة ــ خالد محمود رمضان

اعتقلت أجهزة الأمن التابعة لحكومة إسماعيل هنية المقالة، أمس، المتحدث باسم «كتائب شهداء الأقصى»، التابعة لحركة «فتح»، أبو قصيّ، بعد ساعات قليلة على تصريحات توعّد فيها القيادي في «حماس» محمود الزهار باعتقال كل من يخرق التهدئة ومصادرة سلاحه.
ودعا النائب عن حركة «فتح»، أشرف جمعة، جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة هنية إلى الإفراج عن أبو قصيّ، «تحقيقاً لرغبة الجميع في تثبيت التهدئة وبدء الحوار كي لا يترك المزيد من المجال لحال الانقسام».
ورداً على دعوة الزهار لفصائل المقاومة إلى التنسيق في كيفية الرد على الجرائم الإسرائيلية، رأى القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، خالد البطش، أن «هناك جرائم لا تحتمل الانتظار أو حتى التنسيق مع حماس، ويجب الرد عليها مباشرة». وأوضح أن «حركته لن تسرع في موت التهدئة لأنها ستموت بفعل الخروق الإسرائيلية».
وكان الزهار قد كشف عن اعتقال عدد من المتهمين بخرق التهدئة، قائلاً «هناك أناس اعتقلناهم، بعضهم سرق المعبر (المنطار وكارني التجاري)، وآخرون أطلقوا الرصاص على شاحنات البضائع، وغيرهم أطلقوا صواريخ على معبر الشجاعية (ناحل عوز المخصص للوقود)».
في هذا الوقت، سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفتح معبري صوفا وناحل عوز جزئياً، بينما أبقت على معبر المنطار مغلقاً لليوم الخامس على التوالي، فضلاً عن استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم الواقع عند نقطة تلاقي الحدود الفلسطينية المصرية مع دولة الاحتلال، جنوب القطاع.
وقالت مصادر فلسطينية إن سلطات الاحتلال سمحت بمرور نحو 70 شاحنة بضائع، أغلبها تحمل مساعدات دولية للقطاع، إضافة إلى كميات قليلة من الوقود، من خلال معبر صوفا شمال شرقق مدينة رفح.
من جهة أخرى، كشفت مصادر مصرية وفلسطينية مطّلعة لـ«الأخبار» تفاصيل مفاوضات الكواليس التي تجرى بوساطة مصرية لإبرام صفقة لتبادل الأسرى بين حركة «حماس» والحكومة الإسرائيلية، مشيرة إلى أن «حماس تبدي موقفاً متشدداً للغاية إزاء شروط هذه الصفقة، إذ رفضت طلب إسرائيل بإدخال تعديلات على قائمة الأسرى في مقابل موافقتها على تسليم شاليط إلى مصر ثم إلى إسرائيل».
وأوضحت المصادر أن «القائمة الحمساوية تضمّ نحو 450 من كبار قادة مختلف الفصائل الفلسطينية (مروان البرغوثي ومعظم قادة الجبهتين الشعبية والديموقراطية وحماس وحركة الجهاد الإسلامي»، بينما تضم بقية القائمة أسماء غير محددة تركت «حماس» تحديد هويّتهم للجانب الإسرائيلي. ولفتت إلى أن «حماس ترفض أي تعديل على هذه القائمة بسبب محاولة إسرائيل الالتفاف لضرب وحدة العمل الفلسطيني في الداخل عن طريق سعيها لإطلاق سراح بعض السجناء من فصيل واحد أو الإصرار على نقلهم لاحقاً إلى قطاع غزة الفلسطيني المحتل وحرمانهم من دخول الضفة الغربية».
وأوضحت المصادر أن «حماس رفضت عرض المسؤول الإسرائيلى المكلف من جانب حكومة أولمرت عوفر ديكل بإطلاق سراح الأسرى على مراحل، لا على مرحلتين كما تطالب حماس».
وبحسب صحيفة «هآرتس»، يحاول ديكل خلال لقائه المسؤولين المصريين «الحصول على التزام من حماس بمواصلة المفاوضات من دون أي علاقة بالوضع القائم على الحدود مع قطاع غزة». وأضافت أن «المؤسسة الأمنية كوّنت انطباعاً بأنه جرى تقدم معين وأن مصر ملتزمة أكثر من الماضي بتحقيق صفقة إعادة شاليط». وتابعت أن ديكل «اقترح على المصريين تحديد آلية مُلزمة لمواصلة الأطراف ضمن إطارها إدارة المحادثات حول الصفقة، حتى لو تجدد القتال بين إسرائيل وحماس في القطاع، وتثبيت حقيقة أن حماس هي المفاوض الوحيد من جانب الفلسطينيين».
وفي السياق، قال مسؤول مصري مطّلع إن «حماس ليست في عجلة من أمرها لإبرام الصفقة، بينما تتصاعد الضغوط على حكومة إسرائيل».
ميدانيّاً، استشهد الفتى الفلسطيني محمد ناصر سعيد دراغمة (17 عاماً) برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية.
إلى ذلك، أكد رئيس فريق المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع، استمرار المفاوضات بكثافة مع الجانب الإسرائيلي، وقد وصفها بـ«الصعبة». وأضاف «وجّهت لنا الدعوة من قبل الولايات المتحدة للقاء وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال شهر تموز وأيلول المقبلين والخامس عشر من تشرين الثاني، لتقويم العملية والجهود، سواء الثنائية أو الجهود الإقليمية على المستوى العربي أو الجهود الدولية على مستوى الرباعية».