باريس ـ بسّام الطيارةويقول مقرَّب من كوشنير إنّ الوزير يرى ضرورة في تقطيع الوقت الضائع على مرحلتين إذا لم ينتخب رئيس لبناني: الأولى تدوم حتى الأول من تموز وهو موعد رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي وقد تمتدّ قليلاً لتشمل قمة الاتحاد من أجل المتوسّط المطلوب إنجاحها. وخلال هذه المرحلة «لن يكف الحديث عن دعم المبادرة العربية»، بحسب قول أحد الدبلوماسيين الأوروبيين.
وفي المرحلة الثانية يبدأ الحديث عن «مبادرة أوروبية» باسم الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن تدوم هذه المرحلة حتى تنتهي الانتخابات الأميركية لتعود وتصطفّ تحت لواء استراتيجيّة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
إلا أنّ تسارع الأحداث قد أخذ الدبلوماسية الفرنسية على حين غرّة، فهي كانت «تنتظر شيئاً ما بعد جولة ١٣ أيار الانتخابية الثامنة عشرة»، بحسب قول أحد المصادر، لكن ليس قبل ذلك.
وحتى تاريخ ٨ أيار الذي كان محور اهتمام البعض بسبب تقديم ناظر القرار الدولي رقم 1559 تيري رد لارسن لتقريره، «لم يكن هناك أيّ معلم خطير في مسار تقطيع الوقت حتى بعد تطعيمه بمعلومات عن شبكة حزب الله وكاميرات المطار».
ويقول دبلوماسي عربي في باريس متابع للملف اللبناني إن الفرنسيين «لم يدركوا بعد، أهمية شبكة حزب الله السلكية». ويضيف «كان يكفي أن يسألوا أي جنرال خدم في اليونيفيل عنها ليعرفوا الأهمية العسكرية لهذه الخطوط المطمورة». ويتابع الدبلوماسي العربي أنّ الفرنسيين «وقعوا في الفخ الإعلامي لبعض السياسيين اللبنانيين» وتعاملوا مع الأمر كما لو أن الشبكة هي شبكة تجارية يُراد أن تعود إيراداتها إلى حزب الله.
ويرى الدبلوماسي، شأنه شأن مراقبين آخرين، أنّ ما حدث في لبنان «قصّر من فترة تقطيع الوقت» ووضع الفرنسيين أمام ضرورة التحرّك الفوري من خارج «أجندة المرحلتين» بانتظار الانتخابات. ويفسّر هذا تصريح كوشنير بأنّ «فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي» أمام ما يحصل في لبنان، وهو طبعاً ما ردّده الدبلوماسي الذي استقبل وفداً من ١٤ آذار دعا إلى التظاهر أمام مقر وزارة الخارجية «كي دورسيه» في باريس.
ويعرف المراقبون أنّ باريس لم تعد تستطيع القيام بأي مبادرة بعدما «حرقت مبادرتها بإلباسها رداءً عربيّاً» تبيّن أنّه غير قادر على الحلّ بسبب ضغوط إقليمية.
ورغم مناشدة بعض أقطاب الأكثرية في وسائل الإعلام الفرنسية الرئيس نيكولا ساركوزي التدخل والضغط على إيران وسوريا، إلا أنّ هامش المناورة ضيّق أمام الدبلوماسية الفرنسية بعدما أقفل سيد الإليزيه باب مخاطبة دمشق وربط الحديث مع إيران بالملف النووي.
إلا أنّ عودة إلى بيان الـ«كي دورسيه» تشير إلى أنّ الدعم الذي حمله البيان الفرنسي إلى الحكومة اللبنانية لم يشر هذه المرة إلى اسم رئيسها فؤاد السنيورة كما جرت العادة. وبقي الدعم للحكومة وللجيش كـ«سلطة دستورية يعود لها حسب الدستور المحافظة على استقرار وأمن الدولة».
ويرى بعض المراقبين أن هذا «بداية تغيير يرافق تغيّر المعطيات على الأرض» وأن فترة تقطيع الوقت باتت تبدو «طويلة جداً» ما يحتم على باريس التطلع نحو آفاق جديدة لإخراج البلاد من درك الهاوية.
ويقول مصدر مطلع لـ«الأخبار» إنّه «ليس لباريس أيّ مصلحة في انفلات أمني يفتح الباب أمام الفرق الاسلامية الأصولية لأن تعيث إرهاباً في لبنان وخصوصاً في جنوبه، حيث تشكّل الدول الأوروبية عموماً والفرنسية خصوصاً هكيلية القوات الدولية».
ويحثّ المصدر جدياً على ضرورة الانتهاء بسرعة من الحالة التي تسود اليوم، خوفاً من استغلال القوى الأصولية «لإحباط سنّة لبنان» للبدء بتفجير الوضع عبر «عمليات إرهابية».