السودان يقطع علاقاته بتشاد ويخصّص مكافأة لاعتقال زعيم «فلول المرتزقة»ونقلت وكالة السودان الرسمية للأنباء عن مصدر مأذون قوله إن «القوات المسلّحة قتلت ستة وأربعين متمرداً، ودمّرت ثلاثين عربة مسلّحة للمتمرّدين، واستولت على عشرين سيارة».
وأضاف المصدر أن «عدد المتمرّدين الذين أسرتهم القوات الحكومية، منذ البارحة حتى اليوم، بلغ ثلاثمئة، بينما أعلنت السلطات عن مكافأة تبلغ 250 مليون جنيه لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على زعيم حركة العدل، خليل إبراهيم».
وعرض التلفزيون الرسمي السوداني جثثاً ودماءً وسيارات محترقة في الشوارع، و«أسرى» من المتمرّدين.
ونفى المتمرّدون رواية الحكومة للحوادث، وقالوا إن المعارك لا تزال مستمرة في محاولتهم الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير.
وقال المسؤول في حركة العدل والمساواة، الطاهر الفقيّ، لوكالة «رويترز» من بريطانيا، إن «الحركة في أم درمان وشمال الخرطوم، وإن هذا ليس أمراً سينقضي خلال بضع ساعات»، مشيراً إلى أن «هناك خللاً في توزيع السلطة والثروة، وينبغي تصحيحه».
من جهته، استبعد المستشار الرئاسي السوداني، مصطفى عثمان إسماعيل، أي فرصة لإجراء محادثات مع الحركة بعد الهجوم على الخرطوم.
في هذه الأثناء، ظهر الرئيس السوداني على التلفزيون الحكومي مرتدياً زيّه العسكري وهو يطمئن مواطنيه بشأن سيطرته على الوضع، وأنه تم دحر القوات الغازية، وأن قواته تطارد «فلول المرتزقة».
وأعلن البشير قطع علاقات بلاده بتشاد، وحمَّلها مسؤولية هجوم أم درمان، مشيراً إلى أن زعيم حركة العدل المتمرّدة في دارفور «عميل لتشاد»، وأن المعركة هي معركة تشادية.
وقال البشير، الذي قطع زيارة خاصة للسعودية وعاد إلى بلاده السبت، إن حكومته تحتفظ بحق الرد على تشاد.
وحظي البشير بدعم نائبه الأول، رئيس حكومة الجنوب السوداني وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، سيلفا كير ماريديت، الذي دان الهجوم على العاصمة، ورأى ما حدث تهديداً للنظام الدستوري.
في المقابل، نفت الحكومة التشادية «أي ضلوع لها» في هجوم المتمرّدين، وأعلنت أنها أخذت علماً، «بأسف»، بقرار السودان قطع علاقاته الدبلوماسية بتشاد، حسبما جاء في بيان رسمي نشر أمس، في نجامينا.
وجاء في البيان أن الحكومة التشادية تلقَّت قرار السودان «وسط مفاجأة كبرى»، مضيفاً أن «تشاد يمكنها فقط أن تأخذ علماً بهذا القرار المُتسرّع بأسف».
وأسفت نجامينا أيضاً لتعرّض سفارتها في الخرطوم للتخريب، وأوردت في بيان وقّعه المتحدث باسم الحكومة، محمد حسن، أن «رجالاً في زيّ عسكري اقتحموا مقر السفارة (التشادية) وخرّبوه واستولوا على وثائق وأجهزة معلوماتية».
وتشهد العلاقات بين تشاد والسودان توتراً منذ خمسة أعوام، ويتهم كل من البلدين الآخر بزعزعة استقراره عبر مجموعات مسلّحة.
في ردود الفعل الدولية، قالت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ميشال مونتاس، إنه «أعرب عن خشيته من أن يفسد هجوم حركة العدالة والمساواة الوضع العام في السودان، وكذلك اتفاق السلام الشامل والاتفاق بشأن دارفور، ويؤثّر في حياة المدنيين والممتلكات».
وفي واشنطن، قالت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، إنها «تشعر بأشد القلق» بخصوص تفجّر العنف في السودان، وحثّت الجانبين على ممارسة ضبط النفس.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، غوردون جوندرو، في تكساس، حيث يحضر بوش حفل زفاف ابنته، «نشعر بأشد القلق بخصوص الوضع. ونحثّ الجانبين على وقف القتال، سواء من جانب جماعة المتمرّدين أو أي ردّ من الحكومة، ونريد عودة الهدوء والنظام».
وقال بيان لوزارة الخارجية الفرنسية إن «فرنسا تدين بشدة الهجوم المسلّح الذي شنّ على العاصمة السودانية.. هذا الهجوم الخطير يظهر ضرورة إيجاد تسوية عاجلة للأزمة في (إقليم) دارفور» الذي يشهد حرباً أهلية.
وهذه هي المرة الأولى التي يصل فيها القتال إلى العاصمة، خلال عقود من الصراع بين الحكومة المركزية، التي يهيمن عليها تقليدياً العرب في الخرطوم، ومتمرّدين من مناطق بعيدة تشكو الإهمال.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)