strong>بات شبه مؤكّد أنّ مجلس الأمن سينعقد ليتّخذ قراراً دولياً جديداً بشأن الأزمة اللبنانيّة. قرار يُرَجَّح أن يتّخذ من بيان مجموعة «أصدقاء لبنان» جسداً له، وخصوصاً في إدانة التحرّك العسكري ودعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، لكن بأيّة وسائل؟
باريس ــ بسّام الطيارة
شكّلت حيثيّات المؤتمر الهاتفي المتلفز (الفيديو كونفرانس) الذي جمع مجموعة «أصدقاء لبنان»، مساء أوّل من أمس، أهمّ ما صرّح به وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في لقائه الصحافي أمس، إذ كشف فيه عن أنّ صياغة البيان النهائي «لم تكن مهمّة سهلة»، وأن باريس «لا تزال اليوم داعمة للمبادرة العربية».
وأمل كوشنير أن يكون «موقف باريس من المبادرة العربية مساعداً وقادراً على التهدئة وأن يقود إلى سحب مسلّحي الأحزاب كافة من شوارع بيروت ونبذ استخدام العنف، قبل العودة إلى الحوار السياسي»، علماً بأنّ بيان «المجموعة» أعرب بوضوح عن دعمها «القوي للمؤسسات الدستورية اللبنانية ولا سيما منها الحكومة والقوات المسلحة». كما دعت المجموعة إلى «الانتخاب الفوري لرئيس من دون شروط مسبقة وتأليف حكومة وحدة وطنية وإلى إجراء انتخابات عامة بموجب قانون الانتخاب الذي توافق عليه جميع الأحزاب وطبقاً لخطة الجامعة العربية».
يُذكَر أنّ «المجموعة» تضمّ 12 بلداً، هي: ألمانيا، السعودية، الإمارات، مصر، إسبانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، الأردن، الكويت وقطر، إضافة إلى الأمينين العامين للجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الاتحاد الأوروبي. ورفض الوزير الفرنسي الإعلان عن مبادرة فرنسية جديدة لحلّ الأزمة اللبنانيّة، وبرّر ذلك بضرورة «عدم خلط المبادرات حتّى لا نولّد تشويشاً سلبيّاً» على المبادرة العربيّة. غير أنّ مصادر فرنسيّة مقرّبة من الملف اللبناني أكّدت لـ«الأخبار» بأنّ فرنسا تنتظر «إشارة من (الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو) موسى للانطلاق بمبادرة قد يقودها كوشنير»، وأنّ ملفّ لبنان «عاد إلى الكي دورسيه من الإليزيه». وهذا ما أكده كوشنير عندما قال إنّ «بيان قصر الإليزيه كلّفني وأعاد وضعي في فلك التواصل مع الفرقاء كافة وسأفعل ذلك».
وكشف رئيس الدبلوماسيّة الفرنسيّة عن أنّ البيان الصادر عن اللقاء الهاتفي المتلفز «يتضمن شقاً سيمثّل قاعدة عمل وتحرّك في مجلس الأمن»، مضيفاً بـ«أنّنا لن نتخلّى عن اللجوء إلى مجلس الأمن».
وسألت «الأخبار» كوشنير عن معنى «عدم التخلّي عن اللجوء إلى مجلس الأمن»، فأوضح أنه «من المحتمل جداً أن يطرح مشروع قرار انطلاقاً من المؤتمر الهاتفي الذي تمّ أمس». ورداً على سؤال عمّا إذا كان يمكن أن يكون القرار الصادر عن مجلس الأمن «بصيغة الإلزام والإكراه»، أجاب كوشنير «لسنا عند هذا الحدّ ولن يُطرح هذا الاحتمال قبل وصول أولى نتائج مهمة اللجنة الوزارية العربية».
وأشارت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» إلى أن بيان «أصدقاء لبنان» لا يشكّل بديلاً عن صدور قرار في مجلس الأمن، فيما يرى البعض أنّ «التنازلات المتبادلة» التي تحدث عنها أكثر من مصدر تمت على الشكل الآتي: طالبت بعض الدول «المتشدّدة» بشجب المسبّبين بموجة العنف والإشارة إليهم بالاسم، بينما فضّلت دول أخرى، وبينها فرنسا، التروّي وإعطاء اللجنة الوزارية العربية مجالاً للقيام بدور لتنشيط المبادرة العربية. وقد وافق «المتشدّدون» على ذلك، شرط التعهّد بالذهاب مباشرة إلى مجلس الأمن لا انتظار ما ستؤول إليه مهمة عمرو موسى.
على كلّ حال، فقد أكّد كوشنير نفسه هذا السياق إذ قال «إن هذا النص يطلب التهدئة ولا يريد أن يشوّش على مهمة اللجنة الوزارية العربية قبل أن تباشر مهمتها في لبنان». وتابع: «إنّ كثيرين خلال المؤتمر الهاتفي كانوا يؤيّدون اللجوء فوراً إلى مجلس الأمن، غير أنّ ممثل الجامعة العربية طالب بإفساح مجال للجنة الوزارية للوصول والعمل على الأرض».
ولفت كوشنير إلى أنّ فقرة «دعم وحدة الجيش اللبناني» التي ذكرها البيان «أثلجت قلبه»، مضيفاً أن «دور الجيش بدا لي مهمّاً جداً، رغم أنّ البعض رأى في سلوكه خيانة، والبعض الآخر رأى فيه ضرورة لوقف المعارك التي أودت بأكثر من ستّين ضحية». ولم يفت كوشنير التأكيد على «استعداده للذهاب إلى بيروت إذا ما طُلب منه ذلك».
وردّاً على سؤال عن مدى تطابق وجهات النظر مع الأميركيّين في ما يتعلق بلبنان اليوم، وهل إرسال البارجة «كول» هو مؤشّر على طبيعة التعامل الأميركي مع الأزمة، أجاب كوشنير أنّه «من المعروف أنّ الولايات المتحدة لها موقف حازم في دعم (رئيس الوزراء فؤاد) السنيورة»، مضيفاً بأنّه «أيضاً موقف فرنسا»، قبل أن يستطرد ويشير إلى أنّه يجب «التقدّم نحو حل لا الاكتفاء فقط بمواقف حازمة وصلبة في الدعم».
وأشارت مصادر خبيرة في الملف اللبناني، مقرّبة من وزارة الخارجية الفرنسيّة، إلى أنّ الموقف الفرنسي يدلّ على أنّ فرنسا تدعم «تسويات ظاهرة في أفق المحادثات خلف الكواليس»، وهو ما قاد إلى تأخير بسيط لتناول مجلس الأمن الملفّ بحسب ما تدعو إليه واشنطن والرياض، بعكس باريس التي ترى أنّ انتخاب رئيس للجمهورية «يفتح الطريق نحو الحلول».
ونفى كوشنير أن يكون قد «سمع بالحديث عن استقالة السنيورة». وقال لـ«الأخبار» إنه «لا يمكن إزاحة حكومة شرعية اليوم».
وتطرّق كوشنير إلى دور «اليونيفيل»، كاشفاً عن وجود اقتراحات بالاستعانة بالقوات الدوليّة «لتحيط بالسرايا الحكومية»، قبل أن يجيب بأنّ «هذه ليست مهمّة القوات الدولية». واعترف كوشنير بأنه لم يفهم ما طلبه وزير خارجية إيطاليا الجديد فرانكو فراتيني من «تغيير لقواعد الاشتباك»، متعهّداً بالاستعلام منه قصده من ذلك.