محمد بديرأطلق المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني غيلرمان، صرخة تحذير لحكومته من تداعيات أحداث لبنان على وضع إسرائيل، داعياً المجتمع الدولي إلى التدخل للجم «التدهور الخطير هناك»، في وقت انتقد مسؤولون سياسيون إسرائيليون أداء رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، حيال هذه القضية التي رأوا أنها «تمس الأسس الأمنية» لوجود الدولة العبرية.
ووجه غيلرمان رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية أعرب فيها عن قلقه من تطور الأحداث داخل لبنان وانعكاسات ما يحصل على إسرائيل لجهة تعزيز مكانة حزب الله والنفوذ الإيراني على حدودها الشمالية.
وذكر موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت أن رسالة غيلرمان، التي وصلت إلى تل أبيب قبل بضع ساعات من هبوط طائرة الرئيس الأميركي جورج بوش فيها، حذرت من سوء الوضع في لبنان الذي أصبح «بيد السوريين والإيرانيين، فيما قرار مجلس الأمن 1701 لا يُنفّذ». وأضاف السفير الإسرائيلي، في رسالته، «الأمر المقلق للغاية هو أن إيران باتت عند حدودنا الشمالية، وبمعنى من المعاني عند حدودنا الجنوبية أيضاً»، في إشارة إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة «حماس».
وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن غيلرمان عبّر في ما كتبه عملياً عما يشعر به الوزراء الإسرائيليون الذين بدأ يرى بعضهم أن حزب الله أصبح يسيطر على لبنان. ولفتت إلى أن الموقف الإسرائيلي هو «الصمت المعلن، في محاولة لإفساح المجال أمام العالم لمعالجة الوضع الحاصل في لبنان»، وأن أولمرت ووزيري الدفاع إيهود باراك، والخارجية تسيبي ليفني، قرروا أن «لا تقود إسرائيل خطوات تتعلق بالأحداث العنيفة في لبنان، التي استخدم خلالها حزب الله سلاحه في الداخل».
لكن عدداً من الوزراء الإسرائيليين كانوا عبروا عن قلق شديد مما يحدث في لبنان في أعقاب استماعهم إلى تقرير رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء عاموس يدلين خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأحد الماضي. ومرد هذا القلق هو أن يتمكن حزب الله من «أن يثبت فعلياً أنه الجهة المسيطرة في لبنان، بعد أن أنهى تسلّحه وزاد قوته منذ حرب لبنان الثانية».
وبحسب الصحيفة، يتوقع أن يناقش أولمرت وبوش الوضع اللبناني خلال لقاءاتهما الثنائية.
وبالعودة إلى رسالة غيلرمان، فقد جاء فيها أن «القرار 1701 يتضمن عناصر مهمة، لكن إطلاق سراح (الجنديين الإسرائيليين لدى حزب الله) إلداد ريغيف وإيهود غولدفاسير لم يحدث، كما لا يُنفّذ حظر نقل أسلحة للميليشيات، وفي مقدمتها حزب الله، ولم يُنزع سلاحه».
وأعرب غيلرمان، الذي ينهي مهامه في تموز المقبل، عن أمله الكبير في أن «يهتم المجتمع الدولي بأن يُطبّق القرار الدولي بعد أحداث لبنان الأخيرة، ليس من أجل مصلحتنا فقط بل من أجل المنطقة كلها». وأضاف «يتواصل نقل سلاح لحزب الله ولبنان يتمزق وينزف، وهذا استمرار لمأساة عمرها 40 عاماً من الحروب الأهلية ومحاولات جهات مختلفة السيطرة على لبنان». وخلص غيلرمان إلى أنه «من المناسب أن يعمل المجتمع الدولي لصالح لبنان والمنطقة، ولجم التدهور الخطير، وإعادة عجلات التاريخ إلى الوراء».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن مسؤولين سياسيين إسرائيليين ينتقدون الطريقة التي تتعاطى بها الحكومة الإسرائيلية مع القضايا الأمنية الساخنة، بما فيها لبنان. ونقلت الصحيفة عن المسؤولين أنفسهم قولهم إن «صناع القرار في إسرائيل يعتقدون، بشكل يثير الدهشة، أن سيطرة حزب الله على لبنان هي قضية داخلية لبنانية، في حين أن الأمر يرتبط عملياً بأسس أمن دولة إسرائيل». وأضافوا «إن صناع القرار، وفي مقدمتهم أولمرت، لا يجرون مداولات كافية بشأن التهديد المحتمل من لبنان أو إمكان استخدام القوة ضد ما يجري هناك».
وعزا هؤلاء المسؤولون أسباب هذا التعاطي الحكومي مع ما يحصل إلى «نتائج حرب لبنان الثانية وتأثر الجمهور الإسرائيلي بها، والوضع الشخصي لأولمرت في مواجهة التحقيقات القضائية، وهو ما جعل رئيس الوزراء يمتنع عن دراسة جدية للردع الذي أصيب وأصاب أمن الدولة».
وأكدّت المصادر السياسية أن السببين المذكورين أثرّا أيضاً على شكل المعالجة في قطاع غزة، «فعندما تكون رئيس حكومة قوياً، يسمح لك ذلك بالضرب أينما يجب، أو التنازل. لكن أولمرت لا يستطيع السماح لنفسه لا بهذا ولا بذاك، ولذلك فإن الدولة تبدو كما لم تبدُ قط».
وفي السياق، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، خلال استقباله الرئيس الأميركي جورج بوش في مقره الرسمي في القدس المحتلة أمس، إن «حزب الله يدمّر لبنان». ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بيريز قوله إن «حزب الله يدمّر لبنان، وهذا يقلق إسرائيل والولايات المتحدة والعرب أيضاً».
بدوره، أكد أولمرت أن إيران «متورطة بشكل بديهي» في الأزمة اللبنانية. وقال «لقد تابعنا الأحداث ونحن قلقون من محاولات تقويض العملية الديموقراطية... في لبنان»، مضيفاً «نحن نواصل متابعة الوضع ونأمل أن يستقر».