بول الأشقروتّر تقرير الإنتربول عن مضمون الجهاز الإلكتروني للقيادي في الـ«فارك» راوول ريّس، الذي اغتيل في الغارة الكولومبيّة على الإكوادور في بداية شهر آذار الماضي، العلاقات بين هذين البلدين، كما بين كولومبيا وفنزويلا؛ فالتقرير كشف عن عمق العلاقة التي تجمع بين الـ«فارك» وكل من كاراكاس وكيتو. وفيما أكّد مدير الإنتربول أنّ الكمبيوترات الثلاثة التي تسلّمتها المنظّمة من السلطات الكولومبية لم يُمَسّ مضمونها أو يُحَوَّر، علّق الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بأنّ التقرير «مهرجان سيرك»، فيما كان تعليق وزارة الخارجية الإكوادورية أنّ «نمط المحافظة على مضمون الوثائق قبل تسليمها للإنتربول لم يكن مضموناً».
ويرجَّح أن يخيّم شبح التقرير ومفاعيله على القمة التي ستجمع رؤساء أوروبا وأميركا اللاتينية، التي بدأت أمس في العاصمة البيروفية ليما، والتي ستكون مناسبة جديدة للقاء بين رؤساء كولومبيا وفنزويلا والإكوادور.
وفي مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، قال مدير الإنتربول رونالد كينيث إنّ دراسة الأربعين ألف وثيقة والمئتي ألف صورة التي راجعها 64 موظّفاً خلال أكثر من أربعة آلاف ساعة عمل، أثبتت أنه «لم يتمّ مسّ أو تحوير أو حذف أو إضافة» على الكومبيوترات التي تسلّمتها المنظمة والتي تعود إلى ريّس.
ويضيف التقرير أنّ «عدم المسّ لا يعني بالضرورة تأكيد صوابية المعلومات الموجودة في الكمبيوتر». وتشير هذه المعلومات إلى عمق العلاقات بين منظمة الـ«فارك» والإكوادور، وخصوصاً فنزويلا التي يستخلص من الوثائق تورّطها في مساعدة الـ«فارك» على الحصول على صفقات أسلحة، بالإضافة إلى وعد من كاراكاس بتأمين قرض لها بقيمة ثلاثمئة مليون دولار.
من جهة أخرى، حذّر تشافيز نظيره الكولومبي ألفارو أوريبي من «مغبّة» إقامة قاعدة عسكرية في محافظة لا غواخيرا على الحدود مع فنزويلا. ونبّهه من أنّ إقامة القاعدة في هذه البقعة هي «بمثابة اللعب بالنار». والحديث عن القاعدة العسكرية يتجدد الآن لأن الإكوادور سبق أن أعلنت أنها لن تجدّد العقد لقاعدة مانتا الأميركية الذي ينتهي العمل به العام المقبل، فيما أنّ انتصار رئيس الباراغواي فرناندو لوغو في انتخابات الشهر الماضي دفن نهائياً مشاريع نقل هذه القاعدة إلى الباراغواي.
وأعلنت السفارة الأميركيّة في بوغوتا قبل أيام، أن احتمال نقل القاعدة إلى كولومبيا «أمر وارد بالتأكيد»، من دون تحديد المكان الذي «سيخضع لدراسات معمقة قبل بتّه».
أمّا وزارة الدفاع الكولومبية فرأت أنّ «تشافيز يخترع مرّة جديدة مسألة ليست موجودة إلا في ذهنه ويقيم زوبعة في فنجان من لا شيء».
وفي السياق، أصدر الرئيس الكولومبي في مطلع الأسبوع، قراراً سلّم بموجبه 14 مسؤولاً من الميليشيات الموازية للجيش (الباراميليتاريس) المطلوبين من العدالة الأميركية لتورّطهم في تهريب المخدّرات. والقرار المفاجئ لأوريبي، يهدف إلى كسب عطف الكونغرس الأميركي في محاولة لرفع الحواجز أمام توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع كولومبيا. غير أنّه قرار أثار ريبة ضحايا الـ«باراميليتاريس» الذين يخشون أن تتعطّل الآن التحقيقات معهم بعد ترحيلهم إلى واشنطن.
والصفقة التي أُبرمت مع هؤلاء قبل خمس سنوات في مقابل أن يسلّموا سلاحهم، كانت تقضي بأن يُعتقلوا في كولومبيا وألا يسلّموا إلى الولايات المتحدة في مقابل تعاونهم مع القضاء لإبراز حقيقة أعمالهم المجرمة والتعويض عن ضحاياهم. ولكنّ اعترافات هؤلاء أدت إلى اندلاع أعمق أزمة سياسية في كولومبيا وإلى مقاضاة أكثر من ستين سياسيّاً حتى الآن هم بأكثريتهم الساحقة من أنصار أوريبي، واعتقال أكثر من ثلاثين منهم بمن فيهم ابن عم الرئيس أوريبي نفسه. وسخر أحد المتحدّثين باسم أهالي المخطوفين من قرار تسليم المطلوبين للسلطات الأميركية بالقول: «في السابق، كان عليهم أن يتكلّموا لئلا يُسلَّموا إلى الأميركيّين... والآن سُلّموا للأميركيّين لكي يتوقّفوا عن الكلام».