strong>الرياض ترفض رفع إنتاج النفط... وتوقّع مذكّرة تفاهم نووي مع واشنطن
هيمن لبنان وإيران على القمة السعوديّة ـــــ الأميركية، التي جمعت الملك عبد الله والرئيس جورج بوش في مزرعة الملك السعودي قرب الرياض، حيث جدّد البلدان «إدانة ما فعله حزب الله»، في وقت تحدثت فيه أنباء من إسرائيل عن نيّة الرئيس الأميركي توجيه ضربة إلى الجمهورية الإسلامية قبل نهاية العام الجاري. وإضافة إلى لبنان وإيران، رفض السعوديون طلب الرئيس الأميركي زيادة إنتاج النفط لخفض أسعاره، فيما وقّع الطرفان مذكرة تفاهم نوويّة.
وقال مصدر رسمي سعودي إن القمّة الأميركية ـــــ السعودية «اتسمت بالشمولية والعمق والصراحة، إضافة إلى توقيع اتفاقية في مجال الطاقة النووية». وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن «جلسة المباحثات السعودية الأميركية التي عقدت في مزرعة الملك في الجنادرية (40 كيلومتراً شمالي شرق الرياض) تركزت على الأوضاع السائدة في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وكذلك الوضع في لبنان والعراق». كما جرى في القمة «بحث آفاق التعاون بين البلدين الصديقين وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة».
ووقع الجانبان السعودي والأميركي مذكرة تفاهم في شأن التعاون في مجال الطاقة النووية ومجالات الطاقة الأخرى.
وكان البيت الأبيض قد قال في بيان إن الاتفاق النووي «سيفسح المجال أمام حصول السعودية على موارد طاقة آمنة ومضمونة (لتغذية) مفاعلاتها» ولجعل المملكة «مثالاً إيجابيّاً لعدم انتشار الأسلحة النووية في المنطقة».
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الرئيس الأميركي قدّم هدية للملك عبد الله عبارة عن مجسم لطائر الصقر، إلا أنه لم يتلق في المقابل «الهديّة» التي أرداها، وهي رفع إنتاج النفط لخفض سعره، الذي لامس أمس 127 دولاراً. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، ستيفن هادلي، إن السعوديين «أوضحوا أنه لا حاجة لرفع إنتاج النفط حتى يطلب المستهلكون ذلك». وأضاف: «قالوا لنا إنه ليس لدى السعودية طلبات شراء نفط غير قادرة على تلبيتها»، مشيرة إلى أن إدارة بوش ستأخذ التفسيرات السعودية إلى خبرائها.
وإضافة إلى النفط، كان لبنان وإيران حاضرين في مباحثات بوش وعبد الله. وقال هادلي إن الزعيمين «تشاركا في القلق في أن تكون الأحداث (في لبنان) تمت بتشجيع من إيران». وأضاف أن السعودية والولايات المتحدة يتشاركان في «إدانة ما فعله حزب الله للضغط على الحكومة المنتخبة في لبنان». وتابع أن إيران «مباشرة وعبر سوريا تقف بقوة وراء ما حدث في لبنان، ما يعتبر مثلاً إضافيّاً على عمل إيران ضد مصالح دول الشرق الأوسط التي تريد السلام، والأمن والحرية».
وكان الرئيس الأميركي قد خلف في إسرائيل ارتياحاً لموقفه من إيران. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، قدما لبوش معلومات إضافية في هذا المجال، بهدف إظهار أن ثمة احتمالاً لإعادة النظر في تقدير الاستخبارات الأميركية في المشروع النووي الإيراني.
وقال متحدث باسم أولمرت إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على الحاجة «لتحرك ملموس» لمنع إيران من تطوير سلاح نووي. وقال مارك ريغيف: «نحن في الموقف نفسه. كلانا يرى الخطر. وكلانا يفهم الحاجة إلى عمل ملموس لمنع الإيرانيين من المضي قدماً في السلاح النووي». وحين سئل عن الخيار العسكري، قال: «زعماء كثر من الدول تحدثوا عن عديد من الخيارات المطروحة على المائدة وبالطبع إسرائيل تتفق مع هذا».
وقالت مصادر في مكتب أولمرت، للإذاعة الإسرائيلية، إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن الإدارة الأميركية قد تهاجم إيران خلال عام. وأضافت أن أولمرت وبوش بحثا خلال اجتماعات مغلقة في احتمالات القيام بعمل ضد نظام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وأضافت المصادر في مكتب أولمرت أن بوش قال خلال الاجتماعات المغلقة بأنه يجب إجراء معالجة جذرية «لمشكلة إيران» وأن يكون لهذه «المعالجة انعكاسات إيجابية على منطقة الشرق الأوسط برمتها وتؤدي إلى تغيّر في نمط أداء حزب الله وحماس».
وذكرت الصحف الإسرائيلية أن إسرائيل راضية جداً من نتائج زيارة الرئيس الأميركي لها وأن بوش «أكد وجود غطاء لتهديداته ضد إيران». ونقلت «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنه «تم التوضيح خلال محادثات مع الرئيس الأميركي أنه يوجد غطاء لتصريحاته في الموضوع النووي الإيراني».
ورأت «هآرتس» أن أقوال بوش هذه هي «صافرة تهدئة لإسرائيل وتحذير (للرئيس الإيراني) محمود أحمدي نجاد وعلي خامنئي (مرشد الجمهورية الإسلامية)». وأشارت إلى أن هذه الأقوال هي أيضاً بلاغ للمرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، «بأن بوش سيستغل صلاحياته حتى آخر يوم في ولايته لبلورة سياسة قتالية ضد إيران». وأضافت أنه «إذا انتخب أوباما رئيساً، ولم ينتخب المرشح الجمهوري، جون ماكاين، فإن بوش قد يقدم على استخدام وسائل عسكرية (ضد إيران) حتى في فترة الشهرين ونصف الشهر الواقعة بين الانتخابات وقَسم الرئيس الجديد».
وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، خلال مراسم وداع رسمية لبوش، إن تهديدات بوش لإيران قبل سفره للسعودية هو أمر هام للغاية. ورأى أن «من الأفضل لمن يشكك في أهمية خطاب بوش أن يحاول الاستماع لأقواله بآذان عربية».
ومن المقرّر أن يصل الرئيس الأميركي اليوم إلى شرم الشيخ حيث سيلتقي، على هامش مؤتمر المنتدى الاقتصادي الدولي في الشرق الأوسط، الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني. وستشارك وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني والرئيس الإسرائيلي في المنتدى.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)