وجّه رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، بلغة حازمة أمس، رسائل متعددة إلى خصوم الخارج والداخل، فصبّ سيلاً من التحذيرات والاتهامات بالتآمر على الوكالة الدولية للطاقة الذرية على خلفية تقريرها الأخير، ووجّه تحذيرات مبطّنة إلى حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد. وانتُخب لاريجاني (54 عاماً) المحافظ، رئيساً لمجلس الشورى أمس، بغالبية 232 صوتاً من أصل 263 شاركوا في التصويت في البرلمان الذي يعدّ 290 نائباً، ليحلُّ بذلك مكان المحافظ غلام علي حداد عادل الذي رأس مجلس الشورى السابق.ولاريجاني هو رئيس الكتلة النيابية المحافظة التي فازت بـ 69 في المئة من الأصوات في الانتخابات التي جرت في آذار الماضي. ويُعدّ منافساً محتملاً لأحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2009. وكان الأخير قد هزمه في انتخابات عام 2005.
وشدّد لاريجاني، في أوّل خطاب يُلقيه أمام النوّاب، على ضرورة قيام «برلمان قوي، شجاع وفاعل». ووجّه تحذيراً مبطناً إلى حكومة نجاد، إذ أكّد أنّه يستند إلى خطاب ألقاه المرشد الأعلى علي خامنئي على النواب الجدد، شدّد فيه «على أنّ البرلمان يوجه عمل الحكومة، وأنّه يتعيّن على الأخيرة عدم مخالفة القوانين في أي من الأحوال».
من جهته، تجنّب أحمدي نجاد تهنئة لاريجاني على انتخابه، مكتفياً بالقول «إنّه قرار المجلس، ونرحّب بأي قرار يتخذه».
صرامة لاريجاني، المفاوض النووي السابق والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، بدت أشدّ خلال تناوله الملف النووي، إذ حذّر من أن إيران قد تُعيد النظر في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامجها النووي. وقال إن «البرلمان لن يسمح بمثل هذا الخداع، وإذا استمرت وكالة الطاقة الذرية والدول الكبرى في هذا النهج، فسيتدخل في الملف ويحدّد خطّاً جديداً للتعاون مع وكالة الطاقة».
واتهم لاريجاني وكالة الطاقة بإدراج بنود «ملتبسة» في تقريرها الذي يشير إلى كمٍّ من الوثائق قدّمت بعضها دول ثالثة وتتحدّث عن «شق عسكري محتمل» في البرنامج الإيراني. وأسِف لموقف الوكالة، ودعاها إلى «تفادي الخوض في مناورات دبلوماسية مشبوهة مع مجموعة 5+1». كما نصح الوكالة بأن «تكون تقاريرها أكثر توازناً، وألا تسعى إلى إثارة ضجة إعلامية، إذا كانت تريد تعاوناً أكثر صدقاً مع إيران».
ومن المرتقب أن يرفع المدير العام للوكالة محمد البرادعي تقريره الأخير، الذي عبّر فيه عن قلقه الشديد لاستمرار طهران في رفض تسليم معلومات أساسية عن دراسات تدّعي أنّ إيران أجرت تجارب نووية ذات بُعد عسكري إلى مجلس الأمن الدولي، وكذلك إلى الدول الأعضاء الـ35 في مجلس حكام الوكالة الذي سيبحث التقرير في اجتماعه المقبل في 2 حزيران في فيينا.
كذلك يُنتظر أن تقدّم مجموعة الست عرضاً معدّلاً إلى إيران يشمل تعاوناً واسعاً في مقابل تعليقها نشاطات التخصيب.
في المقابل، دعا وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، طهران إلى الاستجابة فوراً لمطالب المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وقال، في بيان، إن «على إيران توضيح نشاطاتها السابقة، ولا مبرّر على الإطلاق لأي تأخير جديد»، مضيفاً «إنّها نقطة جوهرية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي». كما دعاها إلى تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم التي تجريها.
وأوضح بيان وزير الخارجية «هذه المرّة أيضاً، يؤكّد التقرير أنّ إيران لم تعلّق نشاطات التخصيب ولم تُحرز أي تقدّم في إجراءات الشفافية التي يرغب فيها مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة منذ فترة طويلة، كما أنّها لم تُجِب عن أسئلة الوكالة في شأن دراسات أجرتها قد تكون لها أبعاد عسكرية». وتابع: «البرادعي يتحدّث عن مسألة تُثير مخاوف جدّية».
(أب، أ ف ب، رويترز)