strong>قمّة «روسيا ـ الأطلسي» تنتهي بلا «اختراقات»اتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، خلال كلمة ألقاها في قمّة «الأطلسي ــ روسيا» في بوخارست، دول الحلف بالسعي إلى توسيعه شرقاً من دون مراعاة مصالح موسكو، وذلك غداة رفض «الزعماء الأطلسيّين» قبول عضويّة جورجيا وأوكرانيا، وهو مطلب أميركي، ما عُدّ فشلاً لإدارة الرئيس جورج بوش في أوروبا.
واستغلّ بوتين القمّة لانتقاد السياسة الأميركية إزاء إيران، داعياً الدول الغربية إلى إخراج الجمهوريّة الإسلاميّة من عزلتها. وقال «لا يمكن أحداً أن يفكر جدياً بأن إيران ستجرؤ على مهاجمة الولايات المتحدة». وأضاف، بحسب مصدر دبلوماسي، «بدلاً من محاصرة إيران، علينا أن نتصرف بذكاء ونفكر معاً بطريقة تساعدها لكي تصبح أكثر شفافية ونصبح قادرين على التكهن بتصرفاتها».
وقال مسؤول روسي رفيع المستوى، لوكالة «فرانس برس»، إنّ سيّد الكرملين «تحدّث عن سياسة توسيع حلف شمالي الاطلسي وقال إنّه في الواقع ومع الأسف مطلوب من روسيا النظر لهذه العمليّة من دون أخذ مصالحها في الاعتبار». وأضاف أنّ بوتين ألحّ على أنّه «لا يمكن حلف شمالي الأطلسي أن يضمن أمنه على حساب أمن الآخرين».
وقبل ذلك، أوضح مدير التعاون الأوروبي في وزارة الخارجية الروسية، سيرغي ريابكوف، أنّ روسيا استاءت من الوعد الرسمي الذي قطعته قمة الأطلسي في العاصمة الرومانية بفتح المجال يوماً ما أمام انضمام الجمهوريّتين السوفياتيّتين السابقتين.
كذلك اتّهم بوتين بعض دول «الأطلسي» بتشويه صورة روسيا متغاضين عن دورها في إنهاء الحرب الباردة. وقال «ذهب بعضهم بعيداً إلى حد التشنيع بروسيا ولا يزالون يتمادون في ذلك. وبدأ البعض الآخر يتحدث عن التطلع لاستعادة نفوذ الامبراطورية الروسية القديمة».
وشدّد الرئيس الروسي على أنّ بلاده انسحبت سلمياً من أوروبا الشرقيّة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي و«بالتأكيد توقعت شيئاً في المقابل، ولكنّه لم يحصل». إلّا أنّه أعرب عن استعداده للعودة إلى معاهدة نزع الأسلحة التقليديّة في أوروبا في مقابل تنازلات غربيّة.
وقال «نحن مستعدون للعودة للمعاهدة، لكننا ننتظر أن يخطو الحلف الأطلسي أيضاً خطوة».
وفي السياق، أكّد مشاركون في قمة «روسيا ـــــ الأطلسي» أنّ هذا اللقاء لم يتخلّله أيّ توتّر وأنّ الأمور جرت بصورة جيدة رغم المخاوف نظراً إلى العلاقات الراهنة بين الطرفين. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، «لم ألحظ أيّ توتر خلال المناقشات»، وذلك على الرغم من أنّ مسؤولاً روسياً كبيراً أعرب صباحاً عن استياء روسيا من البيان الذي أقرّته قمّة الأطلسي.
وإذا كان جورج بوش قد خاطب نظيره الروسي خلال اللقاء بقوله إنّ «الحرب الباردة انتهت»، فإنّ الأخير أبدى «رغبة في الحوار»، حسبما أعلن وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس. وقال: «بوتين أتى بروح منفتحة على الحوار. لقد قال إنّ آلية وأدوات مجلس الحلف الأطلسي ـــــ روسيا مفيدة، وإنّه أداة صالحة لتصميم الهيكليات الجديدة للأمن في أوروبا».
وأضاف الوزير الإسباني «هناك اختلاف في وجهات النظر مثل الاختلافات حول معاهدة القوّات التقليدية في أوروبا وسياسة توسيع (الحلف الأطلسي) وخصوصاً في شأن وتيرة هذا التوسيع»، مشيراً إلى أنّ «بوتين مدّ يده لتسوية هذه المسائل بطريقة بنّاءة».
من جهته، أقرّ الأمين العام لـ«الأطلسي»، ياب دي هوب شيفر، بعدم تحقيق «أيّ اختراق» على صعيد المسائل التي تشوبها خلافات جليّة بين الطرفين، سواء بالنسبة إلى ملف كوسوفو أو الدرع المضادة للصواريخ أو توسيع الحلف الاطلسي. ولكنه بدوره تحدث عن «مناخ بنّاء». وقال «كانت المناقشات صريحة ومنفتحة، لم يخبّئ أي طرف موقفه والروح السائدة كانت إيجابيّة».
وفي السياق، وصل الرئيس الأميركي إلى كرواتيا في زيارة قصيرة تستمرّ بالكاد يوماً واحداً وتفصل بين قمّة الحلف وآخر اجتماعات سيجريها مع نظيره الروسي.
وسيلتقي بوش ببوتين في سوتشي على ساحل البحر الأسود اليوم، متسلّحاً بدعم حلفائه الأوروبيّين في «الأطلسي» لمشروع الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في تشيكيا وبولندا. إلّا أنّ من الصعب القول ما إذا كان هذا الدعم سيدفع بوتين إلى إظهار ليونة أكبر، وخصوصاً أنّ تأثيره في رئاسة مجلس الوزراء لا يزال مبهماً، مع تسلّم «خليفته» ديميتري ميدفيديف سدّة الرئاسة في 7 أيّار المقبل.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)