بغداد، واشنطن ـ الأخباررسا النقاش الذي اتّسم بالحدّة في اليومين الماضيين، بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والتيار الصدري، على تخفيف اللهجة التصعيديّة من طرف الأوّل، بينما أصرّ مقتدى الصدر على تحدّيه، وذلك عندما قرّر نقل التظاهرة المليونيّة التي دعا إليها في ذكرى سقوط بغداد، من معقله في النجف، إلى العاصمة.
أمّا في واشنطن، فصدرت العديد من التقارير، منها ما يحمل تقويماً إيجابيّاً، ولو نسبياً، للوضع في بلاد الرافدين، ومنها ما يكشف أسراراً جديدة عن حملة «صولة الفرسان» التي يبدو أنّ المالكي انفرد بقرار شنّها، من دون أن يدري كيف ينهيها.
وأمر رئيس الوزراء، في بيان، بوقف نهائي للملاحقات بحقّ «جيش المهدي» بهدف «إفساح المجال وإعطاء الفرصة للنادمين الراغبين بإلقاء السلاح. وسيحاسب من يعود لحمل السلاح».
في المقابل، دعا الصدر إلى «إنهاء الفتنة ووقف سفك الدماء والاعتقالات فوراً»، مشيراً إلى أنّه «إن لم تكن الحكومة قادرة على إخضاع المندسّين في الجيش والشرطة وغيرها من البعثيّين والإرهابيّين وميليشيات الأحزاب والمفسدين، فنحن على استعداد للتعاون معها، لتطهير جيشنا وشرطتنا منهم». ويلي هذا «الغزل» الضمني بين الحكومة والتيار الصدري، حملة كلاميّة عنيفة نتجت من استمرار الاعتقالات والتنكيل بأنصار الصدر. وكانت هذه اللغة العنيفة قد وصلت أوّل من أمس إلى ذروتها، عندما توعّد التيار الصدري الحكومة بـ«معركة حاسمة» معها إذا لم تتوقّف هذه الممارسات.
كما أعلن الصدر نقل وجهة «التظاهرة المليونية» المناهضة للاحتلال التي دعا إلى المشاركة فيها في التاسع من الشهر الجاري، من النجف إلى بغداد، بحيث يتوقّع المراقبون أن تكون أكبر تظاهرة مناوئة للحكومة منذ الاحتلال، في ظلّ استمرار حظر التجوّل في عدد من المناطق التي شهدت اشتباكات، ما يثير مخاوف من تجدّد القتال.
في هذا الوقت، أكّد ابن رئيس «المجلس الإسلامي الأعلى» عبد العزيز الحكيم، محسن الحكيم، وجود دور أساسي لإيران في إنهاء القتال الذي عمّ مختلف مناطق الجنوب والوسط في الأسبوع الماضي. وأوضح الحكيم، لوكالة «مهر» الإيرانية للأنباء، أنّ «طهران، من خلال استخدام تأثيرها الإيجابي على الأمّة العراقية، مهّدت الطريق لعودة السلام إلى العراق، والموقف الجديد هو نتيجة الجهود الإيرانية».
وردّاً على سؤال عن هذا الدور الإيراني، قال السفير الأميركي لدى بغداد، ريان كروكر، في مؤتمر صحافي: «دعونا نبدأ بالتورّط الإيراني، لا في ما يتعلّق بإنهاء (القتال) بل ربما في ما يتعلّق ببدئه».
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد كشفت عن أنّ المالكي اتخذ قرار العملية في البصرة، من دون إطلاع أحد عليه، حتى المسؤولين الأميركيّين، حتى قبل أيّام على بدء المعركة. وفسّرت الصحيفة سلوك رئيس الوزراء، بأنه نتج من تصميم لديه «على إظهار قدرة الحكومة المركزية على السيطرة على البصرة، بالإضافة إلى رغبته بإثبات قدرته على التصرّف بحزم من دون المساعدة الأميركية، ومحو صورته كسياسي مذهبي في مواجهة ميليشيات من طائفته».
وفي السياق، أعطى تقويم جديد للاستخبارات الأميركية بشأن الوضع في بلاد الرافدين، نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، صورة أكثر إيجابية للظروف الميدانيّة من التقارير السابقة. وبحسب الصحيفة، فإنّ التقرير ركّز على التطوّر الأمني، وقدرة الحكومة العراقية، وأنه يدعم استراتيجية التعزيزات التي أوصى بها الرئيس جورج بوش العام الماضي.
وتزامن التقرير مع هجوم انتحاري استهدف جنازة حاشدة في محافظ ديالى، أوقع أكثر من خمسين ضحيّة بين قتيل وجريح.