حسام كنفانيمرّ موعد 5 نيسان الذي كان مقرّراً لاستئناف الحوار الفلسطيني ــ الفلسطيني بناءً على «إعلان صنعاء»، من دون أي اكتراث، ليؤكّد التسليم من جميع الفصائل الفلسطيني، المعنية وغير المعنية بالحوار، أن ما جرى في صنعاء بقي فيها وأقفلت صفحته، بانتظار فتح صفحة وساطة جديدة قائمة على معطيات ومعايير مختلفة.
معايير ومعطيات تسهّل فتح باب الحوار بين حركتي «فتح» و«حماس» وتدفعهما إليه عنوة، ولا سيما أنه بدا واضحاً أن الطرفين غير راغبين في الحوار في اللحظة الحالية، وما حدث في اليمن ودعوة الرئيس علي عبد الله صالح كان مباغتاً. على الأقل هذا ما تسربه «حماس»، التي قال أحد مسؤوليها الرفيعي المستوى، في اجتماع مغلق، إن طريقة إعلان اليمن للمبادرة «لم تكن في الحسبان».
قد لا يكون الموقف «الحمساوي» مفاجئاً، ولا سيما أنه يتطابق مع مواقف سرّبت في خصوص عدم رغبة الحركة الإسلامية في الحوار حالياً، وهو ما أكدته مصادر من «حماس» لـ«الأخبار» بإشارتها إلى أن الحركة «ليست مع أي حوار».
على غرار الرئيس محمود عباس، يبدو أن لـ«حماس» مجموعة من الشروط أيضاً للانطلاق في حوار جدي لحل الخلافات مع «فتح». شروط لم توفرها المبادرة اليمنية، وخصوصاً في بندها الأوّل القائم على إعادة الأمور في غزة إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من حزيران. لـ«حماس» تفسير خاص لعبارة عودة الأوضاع والمطالبة بشموليتها «الوضع الفلسطيني عموماً» لا قطاع غزة فقط، مع ما يعني ذلك من نهاية لدور حكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض، وتثبيت إسماعيل هنية على رأس حكومة «الوحدة الوطنية».
إضافة إلى ذلك، تؤكّد مصادر مسؤولة في الحركة أن المقصود بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في غزة هو «أن نأخذ ما هو إيجابي في الأوضاع القديمة وترك ما هو سلبي، وتحديداً الأجهزة الأمنية وإعادة تأسيسها على أساس مهني ووطني وهو مدخل للعلاج كما كان سبباً للخلاف».
يمكن اعتبار هذا الطلب الشرط المضاد الأوّل لـ«حماس» لمواجهة ما يريده الرئيس الفلسطيني، الذي يبدو أنه تنازل عن مطلب «الاعتذار عن الانقلاب»، إذ إنه لم يرد خلال الفترة الماضية في أي خطاب لأبو مازن، لا في القمّة العربية ولا في ما تلاها خلال تطرقه إلى الوضع الفلسطيني الداخلي.
في المقابل، يبدو أن عبّاس يركّز على مطلب الانتخابات المبكرة، الرئاسية والتشريعية، وهو موقف لم تعلّق عليه «حماس» في الفترة الأخيرة. لكن بالاستناد إلى موقفها السابق، فالحركة الإسلامية ترى أن الانتخابات المبكرة لا داعي لها في ظل نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، على اعتبار أن نتائج هذه الانتخابات أعطت الحركة تفويضاً شاملاً لإدارة دفة السلطة، وأن لها الحق في أربعة أعوام كاملة لإدارة الحكم. هذا الموقف ظهر في الردّ غير المباشر لـ«حماس» على خطاب الرئيس الفلسطيني في القمة العربية، الذي وجده المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، «لا يعبّر عن مواقف الشعب الفلسطيني».
الجديد في شروط «حماس»، الذي قد يكون إشارة إلى تباين بين جناحي الداخل والخارج في الحركة، هو المطالبة بنقل الحوار، في حال حدوثه، إلى داخل قطاع غزة. هذا الطلب أفصح عنه مسؤول رفيع المستوى في الحركة الإسلامية خلال لقاء الفصائل في قطاع غزة، بتأكيده جديّة «حماس» في الحوار بشأن المبادرة اليمنية، وأرفقه بالقول: «ليأتي أي مسؤول من فتح إلى هنا في غزة للحوار».
إلى اليوم بات واضحاً أن الخلفية الفلسطينية غير جاهزة للحوار الداخلي. وإذا كانت عين عباس على جبهة التفاوض مع إسرائيل والوعود الأميركية، فإن لـ«حماس» أيضاً عيناً على التطورات الإقليمية ووساطة التهدئة المصرية، التي ستحدّد سند كل منهما في أي جولة حوارية جديدة.