واشنطن ــ محمد سعيدقدّر صندوق النقد الدولي الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي، خلال الصيف الماضي بسبب أزمة الرهون العقارية، في الولايات المتحدة بنحو 945 مليار دولار.
وقال الصندوق، في تقريره نصف السنوي عن الاستقرار المالي العالمي، الذي كشف عنه قبل ثلاثة أيام من بدء اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إن الأزمة تجاوزت حدود السوق الأميركية لتطال بشكل ملموس الأسواق العقارية الرئيسية والاستهلاك الائتماني وقروض المؤسسات.
يذكر أن هذه المرة الأولى التي يدلي فيها الصندوق بتقديرات رقمية للخسائر العامة التي تكبدتها المصارف والمؤسسات المالية الأخرى بسبب أزمة القروض العقارية عالية المخاطر التي ضربت الولايات المتحدة في الصيف الماضي.
وبينما رأى الصندوق أن الولايات المتحدة، التي تشهد أسوأ أزمة مالية منذ 1929، ستسجل هذه السنة «انكماشاً طفيفاً» سيؤثر على النمو العالمي ويجعله بنسبة 3.7 في المئة في 2008، وأن النمو الاقتصادي الأميركي سيهبط في العام الجاري إلى نحو نصف في المئة (0.5 في المئة) هو الأسوأ في السنوات الـ17 الأخيرة، توقّع ألا يزيد النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة للعام المقبل عن ستة أعشار في المئة (0.6).
كما أوضح الصندوق، في تقريره، أن الأزمة بدأت تزداد في بعض الدول الأوروبية، مشيراً إلى أن بعض المحللين يتوقعون أن يتضاعف حجم الحجز على العقارات المرهونة في بريطانيا. وتوقع الصندوق حدوث تباطؤ كبير في نمو الاقتصاد في أوروبا ليصل إلى 1.4 في المئة في 2008 و1.2 في المئة في 2009. وتوقع أن تشهد بريطانيا تباطؤاً في النمو الاقتصادي ليصل إلى نحو 1.6 في المئة للعام الجاري والعام المقبل، وألمانيا 1.4 في المئة وفرنسا 1.2 في المئة وإيطاليا 0.3 في المئة. ودعا الصندوق البنك المركزي الأوروبي إلى خفض معدلات فوائده للمساعدة في نهوض الاقتصاد، معتبراً أن «البنك المركزي الأوروبي يمكن أن يسمح لنفسه بالتالي بتليين سياسته النقدية»، أي خفض معدلات فوائده لدعم النشاط. وبتليين شروط التسليف، سيقوم بتحفيز الإقراض والاستثمارات في أوروبا وبالتالي النمو.
وفي ما يتعلق باقتصاديات الدول خارج منطقة اليورو، فقد توقع صندوق النقد نمو اقتصاديات اليابان بنحو 1.4 في المئة للعام الجاري، و1.5 في المئة للعام المقبل. أما في كندا، فإن النمو سيتباطأ إلى نحو 1.3 في المئة للعام الجاري وقد يرتفع النمو في العام المقبل بنسبة 1.9 في المئة. أما في الصين، فقد تشهد نمواً اقتصادياً بنسبة 9.3 في المئة العام الجاري، مقارنة بـ11.4 في المئة، العام الماضي، فيما قد يصل في العام المقبل إلى 9.5 في المئة.
وفي ما يتعلق باقتصاديات المنطقة، فقد ذكر تقرير الصندوق أن النمو لا يزال قوياً والزيادات في إنتاج النفط كانت محدودة. وتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المنطقة بمعدل 6.1 في المئة للعام الجاري والعام المقبل. لكنه أشار إلى أن «ضعف الدولار سبّب انخفاضاً حقيقياً مؤثراً في قيم العديد من عملات دول الشرق الأوسط، فيما السياسات المالية والمتعلقة بالدخل تميل إلى التوسع نتيجة للزيادة الحادة في إيرادات النفط».
وقال الصندوق إن الضغوط التضخمية في المنطقة ارتفعت بدرجة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية بسبب الطلب المحلي القوي وارتفاع الإيجارات في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدى تدفق العمالة الأجنبية وارتفاع مستويات معيشة السكان إلى نقص في المعروض من المساكن.