strong>تحذيرات مصر من اقتحام حدودها تزيد حدّة توتّر علاقاتها مع «حماس»
غزة ــ رائد لافي
باتت غزة أمس على مشارف نهاية فترة الراحة التي عاشتها خلال الشهر الماضي، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي في أعقاب العملية النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية على كيبوتس نحال عوز على تخوم القطاع، وأدت إلى مقتل إسرائيليين، بعدما كانت تهدف إلى خطف جنود. عملية جاءت بعد ساعات على مقتل جندي إسرائيلي في اشتباك شمال القطاع، حيث استشهد ثمانية فلسطينيين بغارات واشتباكات متفرقة.
وأعلنت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، و«ألوية الناصر صلاح الدين»، الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، و«كتيبة المجاهدين»، التابعة لحركة «فتح»، مسؤوليتها المشتركة عن عملية نحال عوز، التي أطلقت عليها اسم «كسر الحصار»، إلا أن سلطات الاحتلال أصرّت على اتهام «حماس» بالوقوف وراءها.
وكان أربعة مقاومين فلسطينيين نجحوا في اقتحام موقع عسكري في معبر نحال عوز، وسط عمليات إطلاق نار كثيفة، وبغطاء من قذائف الهاون. وقالت فصائل المقاومة إن منفذي العملية الفدائية عادوا إلى قواعدهم بسلام، بينما قالت مصادر إسرائيلية إن جنود الاحتلال قتلوا اثنين من المهاجمين. وقال المتحدث باسم «لجان المقاومة الشعبية»، أبو مجاهد، إن العملية الفدائية كانت تهدف إلى خطف جنود إسرائيليين.
ويعدّ موقع «نحال عوز» العسكري، الذي يتم بالقرب منه تزويد القطاع عادة بمشتقات الوقود والمحروقات، موقعاً عسكرياً قديماً جداً ومحصناً ومحاطاً بأسلاك شائكة وسواتر.
وحمّلت مصادر سياسية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، حركة «حماس» المسؤولية عن الهجوم. وقالت إن «حركة المقاومة الإسلامية ستدفع ثمناً باهظاً بسبب أفعالها، وهي المسؤولة عن الهجوم في ناحل عوز، وشاركت في التخطيط له وتنفيذه، وربما أكثر من ذلك». وأضافت أنه «من جهة تحتج حماس على الحصار، ومن جهة أخرى هي مسؤولة عن الهجوم على المعبر الذي يزود سكان القطاع بالوقود والغاز». وفي أعقاب العملية الفدائية، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات، وأطلقت المدفعية الإسرائيلية المرابطة في محيط موقع العملية سيلاً من القذائف، أسفرت عن استشهاد خمسة فلسطينيين هم ثلاثة أطفال، بينهم الشقيقان عاطف وأحمد الغرابلي وهاني أبو القمبز، والمقاوم في لجان المقاومة الشعبية إسماعيل أحمد حسن أبو النصر (22عاماً)، والمدني محمد علي أبو جبة (23عاماً)،
وقبل العملية الفدائية بساعات قليلة، استشهد مقاوم في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، وأصيب آخر، بينما قتل جندي إسرائيلي، في اشتباكات مسلحة عنيفة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي توغلت فجراً في منطقة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع. ونعت «كتائب القسام»، الشهيد محمد فايز شامية (22 عاماً)، وقالت إنه استشهد وأصيب مقاوم آخر بجروح خطيرة، خلال اشتباكات مسلحة لساعات مع قوات الاحتلال.
وأقرت دولة الاحتلال بمقتل الجندي من أصل درزي برتبة رقيب أول، سيف بيسان (21 عاماً)، وإصابة جنديين آخرين بجروح متوسطة في اشتباكات مسلحة خلال عملية التوغل التي وصفتها مصادر عسكرية إسرائيلية بأنها «نشاط أمني اعتيادي»، فيما أعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، بشكل منفصل، مسؤوليتهما عن قتل الجندي الإسرائيلي، وإصابة آخرين.
في هذا الوقت، تصاعدت حدة التوتّر بين مصر و«حماس»، التي انتقدت استمرار بعض الدول العربية بعقد صفقات الوقود والغاز مع دولة الاحتلال، ووصفتها بأنها «جريمة خطيرة». وقالت الحركة، على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم، إن استمرار عقد هذه الصفقات بـ«أقل من سعر التكلفة، وأحياناً مجاناً للاحتلال الإسرائيلي، حيث يُستخدم للطائرات والدبابات الإسرائيلية، وعدم اتخاذ قرار عملي بفك الحصار عن غزة، هو جريمة خطيرة ضحيتها مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة، معظمهم من الأطفال والمرضى والنساء والشيوخ والطلبة».
وقال برهوم «لا يمكن ولا يعقل أن يترك قطاع غزة يدمر وتنتهك فيه الحرمات ويحاصر والكل يتفرج ولا يحرك ساكناً، فلا بد أيضاً من أن تكون للشعوب العربية والإسلامية مواقف شجاعة، وهي بمثابة العمق الاستراتيجي للشعب الفلسطيني، ويجب أن نراهن عليها في الشدائد والأزمات». وأضاف «آن الأوان للتحرك على كل الأصعدة بلا انقطاع، تعاطفاً وتضامناً مع شعبنا ومع قطاع غزة، وأن يؤلفوا بتحركهم الجماهيري والشعبي قوة ضاغطة على جميع الأطراف لوضع حد نهائي لهذا الحصار الظالم على غزة».
وبعد تهديد حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تكرار اقتحام معبر رفح، جاء الرد المصري على لسان مسؤول في الأجهزة الأمنية، فقال لوكالة «فرانس برس» إنه تم «تعزيز التدابير الأمنية في شبه جزيرة سيناء، واستقدام سيارات إسعاف على مسافة غير بعيدة من هذه الحدود التي تمتد 14 كيلومتراً».
كما تعهدت وزارة الخارجية المصرية بالرد بحزم على «حماس»، إذا أعاد نشطاؤها اقتحام الحدود المصرية مع غزة، متهمة إياها بمحاولة «زعزعة الاستقرار في مصر من طريق افتعال مشكلات خارجية، تتزامن مع المشكلات الداخلية فيها». ورأى أن تصريحات «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «تتناقض بشكل صارخ مع الجهد الذي تعهدت مصر أن تبذله لرفع الحصار عن غزة، والتوصّل إلى تهدئة تتيح استئناف الفلسطينيين حياتهم الطبيعية في القطاع».
وربط المصدر بين تهديدات «حماس» والمشكلات الداخلية في مصر، قائلاً إن «المساعي لافتعال أزمات على الحدود المصرية بالتزامن مع مشكلات مفتعلة داخلها، أمر يدعو إلى الارتياب والشك».
وفي إطار تداعيات الحصار على حياة المرضى، أعلنت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار في قطاع غزة عن استشهاد خمسة فلسطينيين من المرضى، بفعل منعهم من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي من مغادرة القطاع لتلقي العلاج اللازم في الخارج. وبحسب اللجنة الشعبية والمصادر الطبية، فإن عدد شهداء الحصار من المرضى بلغ 130 مريضاً.