«عام التحوّل الاقتصادي» هو ما وعد به الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أوّل من أمس، عبر «إجراء عملية جراحية» من أجل حلّ المشكلات الاقتصادية التي تئنّ تحت وطأتها البلاد منذ فترة، وشكّلت موضع انتقاد للعديد من معارضي الحكومة. تحوّل يبدو أنّه استهلّه منذ أياّم عبر التغيير الحكومي في وزارتي الاقتصاد والمال والداخلية.وأعلن نجاد عن مشروع اقتصادي انتهت الحكومة من إعداده «سوف يؤدّي إلى تحوّل اقتصادي كبير». ولم يعلن عن تفاصيل هذا المشروع، إلا أنّه ذكر أنّ «خطة اقتصادية علمية وُضعت وفق خبرات ومعلومات دقيقة». ودعا مواطنيه إلى الاستعداد للقيام بـ«عملية جراحية كبرى في الحقل الاقتصادي وإجراء إصلاحات أساسية وبنّاءة عظيمة».
وعلى ما يبدو فإنّ المشروع، الذي سيعلن عنه، يلقى معارضة داخلية، إذ أشار نجاد إلى أنّ هناك «من يسير في الداخل وفق مخططات وأهداف الأعداء وقد عارضوا المشروع قبل الإعلان الرسمي عنه».
وفي ما له علاقة بمشروع التحوّل الاقتصادي، أجرى الرئيس الإيراني قبل يومين تغييراً وزارياً هو التاسع خلال سنتين ونصف، طال وزيري الاقتصاد والمال والداخلية: داود دانش جعفري ومصطفى بور محمدي، حيث طلب نجاد في اجتماع معهما يوم الأحد الماضي أن يخدما في موقع آخر من الدولة.
وعمد الرئيس الإيراني منذ انتخابه عام 2005 إلى تبديل خمسة وزراء، بينهم وزيرا النفط والصناعة وكذلك رئيس البنك المركزي ونائب الرئيس الإيراني المسؤول عن منظمة الخطة والميزانية. وبالتعديلين الجديدين، يكون قد تم استبدال تسعة من أعضاء الحكومة، سبعة منهم في مناصب اقتصادية خلال سنتين ونصف.
وكانت الصحف الإيرانية قد أشارت إلى الخلافات القائمة بين أحمدي نجاد وجعفري في شأن السياسة الاقتصادية للحكومة، والتي تلقى انتقادات واسعة بسبب نسبة التضخم المرتفعة جداً التي بلغت رسمياً 18.4 في المئة خلال العام الأخير.
ومنذ وصولها إلى السلطة، تعهّدت حكومة نجاد المحافظة بتقسيم عائدات النفط الإيرانية بشكل أكثر عدلاً، إلا أنّ معارضي الرئيس الإيراني يقولون إنّ الإنفاق المسرف أدّى إلى زيادة التضخّم. ويرى الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، المصنّف في خانة المحافظين المعتدلين، أنّ هذه السياسة «تضرّ بإيران والثورة الإسلامية» وشبّهها في إحدى المناسبات العام الماضي بأخطاء الشاه. وقال «من أخطاء الشاه توسّعه في الاستيراد لإرضاء الإيرانيين، مستخدماً أموال النفط الاستثنائية في ذلك الوقت». وأضاف «أنّ هذا الوضع مؤقّت وقد يستمر لعام، لكنّه سيضرّ بالإنتاج ويضعف الاقتصاد».
كما اتهم الرئيس السابق محمد خاتمي حكومة نجاد بالتلاعب بالأرقام وإخفاء الحقائق بشأن التضخّم. وقال «الحكومة تلجأ لتغيير طرق احتساب المعطيات أو النفي التام لوجود مشكلات». وأضاف «قد يخفي تلك المشكلات لفترة من الزمن، لكن مثل هذه الأساليب لا تتيح تسويتها».
ويؤكّد المراقبون أنّ «الآليات التي تتبعها الحكومة في معالجة بعض الأمور لا تتناسب والميول الاجتماعية، كما أنّها تدّعي أنّها جاءت لإنقاذ الفقراء والطبقات المحرومة، لكنّها ساهمت من حيث تدري أو لا تدري في تعميق الهوّة بين طبقات الشعب».
رغم ذلك، يبدو أنّ «العملية الجراحية» التي يعد بها الرئيس الإيراني، إن نجحت، قد تُطيح إحدى الخطط الأميركية لقلب النظام الإيراني. ويقول المراقبون إنّ الإدارة الأميركية تعمل على ثلاث خطط، الأولى يجري تنفيذها بالتعاون مع جماعة من المعارضة داخل البلاد وخارجها تهدف إلى إثارة الخلافات والانشقاق، والثانية تقوم على تحريض وإقصاء وتشويه صورة القوى الثورية، والثالثة الإيحاء بعدم فاعلية النظام الإيراني وسياسته الاقتصادية، وبالتالي تُطيحه من خلال انقلاب مرن.
(الأخبار)