المعارضة تتّهم «سلطة الأمر الواقع» بدفع البلاد نحو المجهول بدعم أميركي مع اقتراب موعد جلسة المجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية المحددة في 22الجاري، لم تظهر أي معطيات لتحريك الجمود المسيطر على الأزمة السياسية، فيما قلّلت الموالاة من أهميّة جولة رئيس المجلس العربيّةعاد رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، إلى بيروت، أمس، بعد زيارتين لكل من مصر وقطر لتوفير غطاء عربي داعم لمبادرته الحوارية المطوّقة بهجوم أكثري عليها، فيما بقي مصيرها معلّقاً على زيارة برّي للسعودية التي لم يحدد موعدها بعد.
وكان برّي قد التقى في قطر، أمس، أميرها حمد بن خليفة آل ثاني، في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الطاقة عبد الله العطية، رئيس مجلس الشورى محمد بن مبارك الخليفي، والوفد المرافق لبرّي. وأعقب اللقاء الموسّع خلوة بين الأمير حمد والرئيس برّي، بحثا خلالها التطورات في لبنان والمنطقة، ومبادرة برّي. وأعلن الأخير أنه تمنّى على الأمير حمد «أن يتدخل شخصياً في سبيل التقارب بين العرب، لأن هذا الأمر ينعكس أيضاً على الحوار بين اللبنانيين»، وأشار إلى أنه جرى التأكيد على الحوار، ناقلاً عن الأمير حمد قوله «إن الأفرقاء الأعداء يتحاورون، فكيف بالأحرى ضمن الوطن الواحد؟».
والتقى بري رئيس الحكومة، وزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، كما التقى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الموجود في الدوحة، وأبدى الأخير «كل تشجيع للحوار بين اللبنانيين».
وكان برّي قد أعلن خلال مأدبة عشاء أقامها، مساء أول من أمس، السفير حسن سعد والجالية اللبنانية تكريماً له وللوفد المرافق، «أن المبادرة العربية وصلت إلى نصف الطريق المسدود، والحوار الذي أدعو إليه هو وحده الذي يساعد على انهيار السدود أمامها». وأكد أن «الإضافات على المبادرة العربية هي لتعقيد الحل، ومحاولة لتحويل وجهة الأزمة من لبنانية ــــ لبنانية إلى لبنانية ــــ سورية»، ولفت إلى أن «خلاص لبنان لا يكتمل بإنجاز الانتخابات الرئاسية فقط، بل بقيامة حكومة جديدة وعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي». ورأى أن «فلتات لسان الرئيس (فؤاد) السنيورة خلال «برمة» العروس الأخيرة يقصد منها قطع الطريق على الحوار وعلى إمكان التفاهم».
ومن بيروت، تابع الرئيس السنيورة نتائج جولة بري من خلال اتصالات أجراها بكل من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري ونائبه وزير الطاقة والصناعة عبد الله العطية. واستقبل السنيورة السفير الإيراني محمد رضا شيباني، الذي كرر «استعداد بلاده الدائم لتقديم كل ما باستطاعتها أن تقوم به من أجل مساعدة لبنان وقادته السياسيين وشعبه الأبي، للخروج من الأزمة الراهنة».
من جهته، وصف السفير المصري في لبنان، أحمد فؤاد البديوي، زيارة الرئيس بري إلى القاهرة بأنها «ناجحة»، مؤكداً «حرص مصر على إقامة أفضل العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين». ولفت خلال لقائه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، إلى «حرص الرئيس حسني مبارك مع كل المخلصين على إيجاد مخرج للأزمة السياسية في لبنان».
وبينما عوّل وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسابيان على «مبادرة ما عربية من أجل لبنان، استناداً إلى ما تشهده هذه المرحلة من كثافة في الاتصالات المصرية ــــ السعودية»، رأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، أن جولة الرئيس بري «لا تحمل أي نتيجة للبنان، ولا تصرف داخلياً، بل في أماكن أخرى»، مشيراً إلى أن «ما يعمل له الرئيس السنيورة هو تأمين المزيد من الضغوط العربية على سوريا بهدف منعهم من التدخل في الشؤون اللبنانية».
وأكد جعجع، بعد استقباله في معراب السفيرة الأوسترالية في لبنان ليندل ساكس، أنه «في ظل وجود حكومة كاملة، لا أحد يفكر بحكومة انتقالية». أما النائب مصطفى علوش، فقد دعا «إلى نكاية» الوزيرة رايس «عبر الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية»، وطالب بأن يتضمن جدول الحوار بعد انتخاب الرئيس سلاح حزب الله الذي عدّه من أكثر الأمور إلحاحاً. ورأى في اختفاء محمد زهير الصدّيق محاولة لحماية الشهود.

الحل معلّق على التطورات في المنطقة

وفي المقلب الآخر، أكد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن الأزمة طويلة، مشيراً إلى أن فريق الموالاة لا يملك القرار، «ويجب أن ننتظر التطورات مع أميركا في العراق وفلسطين والمنطقة لنرى الحل».
وأوضح خلال لقاء سياسي علمائي في البقاع، «أن المشكلة ليست مشكلة عربية عربية، ولا سورية لبنانية، ولا عربية لبنانية، بل المشكلة أميركية لبنانية وعربية تتعلَّق بالمشروع الإسرائيلي الذي يرى أن بوابة لبنان تساعد على تثبيته كما يريد».
وحمّل «اللقاء الوطني اللبناني»، بعد اجتماعه في دارة الرئيس عمر كرامي، «سلطة الأمر الواقع مسؤولية انسداد الأفق السياسي، بمنع الوفاق المبني على الشراكة الحقيقية، ودفع البلاد نحو المجهول، معتمدة على دعم فاضح من الخارج تجلّى بموقف نقل عن وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية، السيدة كوندوليزا رايس، بشأن رغبة أميركا في استمرار الاستئثار بسلطة الأمر الواقع الفاقدة للشرعية الميثاقية».
من جهته، أكد كرامي أن الموالاة تنفذ أوامر أميركا برفضها الحوار، ورأى أن «استحقاق الجيش هو أشد أهمية من الرئاسة، وهذا ما يشغل البال».
وبرز في هذا السياق انفتاح فرنسي على «حزب الله، «من خلال دعوة القائم بأعمال سفارة فرنسا، أندريه باران، مسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي إلى غداء، ظهر أمس.
وشدد الموسوي بعد اللقاء على أهمية الحوار، مؤكداً أن المعارضة تتكامل في طروحاتها».
وفي لقاء سياسي في حسينية الزهراء، في حي السلم، رأى عضو المجلس السياسي في «حزب الله» الحاج غالب أبو زينب «أن استمرار المأزق الحالي هو في صلب السياسة الأميركية الذي تباشره بكل أسف قوى السلطة».

ردود على عون و«فزّاعة التوطين»

على صعيد آخر، أثار ما ذكره العماد عون عن التوطين ردود فعل لبنانية وفلسطينية. وأكد ممثّل السلطة الفلسطينية في لبنان، عباس زكي، بعد زيارته برفقة رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني خليل مكاوي، الرئيس السنيورة، أن «الشعب الفلسطيني لو عرض عليه كل العالم لن يقبل إلا بالعودة إلى فلسطين». فيما رأى مكاوي «أن قراراً ما في مكان ما اتخذ منذ أسبوع بأن لا إمكان للتصويب على الحكومة إلا من خلال الاستحضار المتجدد لـفزاعة التوطين».
ورداً على ما ذكره عن النائب الراحل أنطوان غانم، اتهم حزب الكتائب عون «باستحضار الشهداء، واستغلال شهادتهم في مواقف سياسية مشكوك في صدقيتها ومصداقيتها في آن».
وردّت لجنة الإعلام في «التيار الوطني الحر» على هذه التصريحات، مشيرة إلى أن «جزءاً مهماً من أزمتنا يكمن في سوء الفهم، أو تعمّد سوء الفهم والبناء عليه، لإطلاق ردود كيفما اتفق».
إلى ذلك، أعلن النائب ميشال المر أنه «نادم على إسقاط رئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل في انتخابات المتن»، مشيراً إلى أنه خاض هذه الانتخابات «مكرهاً»، وأشار إلى أن قوى 14 آذار «تسرّعت في إعلان ترشيح العماد ميشال سليمان للرئاسة»، معلناً أن رئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري لم يكن على علم بتصريح النائب عمار حوري.

لقاء مصارحة ومصالحة في الصيفي

من جهة أخرى، عقدت في بيت الكتائب المركزي في الصيفي ندوة لمناسبة ذكرى 13 نيسان، تحدّث فيها رئيس الحزب أمين الجميّل، النائب أكرم شهيّب، رئيس الهيئة الوطنية في حركة اليسار الديموقراطي نديم عبد الصمد وزكي.
ووصف الجميل هذا اللقاء بأنه «لقاء مصارحة لتحقيق المصالحة اللبنانية ــــ الفلسطينية التي تدعم المصالحة اللبنانية ــــ اللبنانية، بينما شدد النائب شهيب على عدم «فرض التوطين»، مطالباً «كل الحيثيات الفلسطينية بالتوحد».
بدوره أكد زكي أن «قيام دولة فلسطين هو المنقذ الوحيد الذي يعفي لبنان من هذا العبء الثقيل»، مشيراً إلى أن قضية قيام هذه الدولة هي قضية «لبنانية أوّلاً».
وتناول عبد الصمد الوضع الداخلي، مؤكداً أن مدخل الإصلاح وإعادة بناء الدولة هو إقرار قانون حديث للانتخابات النيابية.