تعدّ بنسلفانيا المحطّة الأهم في المحطات العشر الباقية في سباق الانتخابات التمهيدية الأميركية، ولذلك يسعى مرشح الحزب الديموقراطي باراك أوباما إلى تعزيز صدارته، فيما تجهد هيلاري كلينتون بوسائل شتّى لإعادة إحياء فرصتها الضئيلة لمواصلة السباق، ولو عبر إطلاق تصريحات حربية على غرار «محو إيران»
واشنطن ــ محمد سعيد

مع إدلاء الأميركيين بأصواتهم في ولاية بنسلفانيا، أشارت معظم استطلاعات الرأي إلى صعوبة تحقيق أي من المتنافسين فوزاً حاسماً. وتدّعي حملة هيلاري كلينتون أن فوزها في بنسلفانيا بفارق 10 نقاط على منافسها باراك أوباما كفيل بإحياء أملها في الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي، لكنه فوز سيمنحها 87 صوتاً من أصوات مندوبي الولاية في مقابل 77 لأوباما، أي إنها لن تحصل على أكثر من 16 صوتاً إضافياً، بينما يزيد الفارق بينهما على 162.
ورفضت كلينتون الإجابة بوضوح عن سؤال عمّا سيجري بعد بنسلفانيا، ما لم تحقق انتصاراً كبيراً، وقالت: «إن الهامش غير مهم». وأضافت: «إن فشل أوباما في بنسلفانيا يطرح تساؤلاً عن قدرته على الفوز في الولايات الكبيرة»، بعد هزيمته في نيويورك وكاليفورنيا.
أما كبار المحللين المتخصصين في متابعة الانتخابات الأميركية، فيرون أن هيلاري تحتاج على الأقل إلى الفوز بنحو 64 في المئة من أصوات ناخبي بنسلفانيا، حتى تتأهل للفوز بأصوات مندوبي الولاية. وتتأرجح استطلاعات الرأي ما بين 46 في المئة لهيلاري إلى 44 في المئة لأوباما. وحتى إذا تقدمت هيلاري بـ 10 نقاط على أوباما في بنسلفانيا، فستظل هذه بمثابة هزيمة مرعبة لها، إذ لا تزال هناك 9 ولايات يصل إجمالي مندوبيها إلى 408.
ولكي تتعادل مع أوباما، على كلينتون أن تفوز على الأقل بنحو 277 صوتاً من هؤلاء المندوبين، أي أن تفوز في كل واحدة من الولايات التسع بنسبة 68 في المئة على الأقل من مندوبيها، وهو ضرب من المستحيل.
ففي نورث كارولينا، أكبر الولايات الباقية، التي تحظى بنحو 115 صوتاً من المندوبين، أشار 24 استطلاعاً للرأي منذ بداية الحملة إلى أن أوباما سيفوز بفارق 17 نقطة على الأقل، ما ينذر باتساع الهوة بينه وبين السيدة الأولى السابقة مع مرور الوقت.
وإذا صدقت استطلاعات الرأي، فإن المرشحين سيتقاسمان الغنائم بالتساوي، ما يبقي على الفارق ثابتاً وبالتالي ــ يبشر أو ينذر ــ باستمرار السباق حتى حزيران المقبل، موعد آخر محطة في الانتخابات التمهيدية.
وتحولت هذه الانتخابات الغريبة إلى سباق ماراثوني في الحسابات والأرقام، سواء أكانت أرقاماً تجريدية في شكل أصوات وكيانات، أم أرقاماً محسوسة في شكل أموال وولايات. إذ يدخل أوباما المرحلة الفاصلة من هذه الحملة وكل الأرقام تتحدث في مصلحته عن التبرعات التي جمعها خلال شهر آذار الماضي والتي وصلت إلى 41 مليون دولار، وعن عدد الولايات الـ 27 التي فاز بها حتى الآن، بينما تتباين التقديرات لعدد أصوات الناخبين الذين يتقدم بهم على هيلاري بما بين 800 ألف صوت إلى 3 ملايين صوت حتى الآن، إلى عدد المندوبين المنتخبين حيث حصد حتى الآن نحو 1418 مندوباً.
أما العدد الوحيد الذي قد يأتي فيه أوباما تالياً، فيتمثل في أصوات المندوبين الكبار من غير الملزمين أو الملتزمين بالتصويت لمرشح ما، وهو فارق لا يتجاوز 20 صوتاً لمصلحة هيلاري التي تخوض الجولة الأخيرة من الحملة ولديها 21 مليون دولار جمعتها خلال شهر آذار، ونحو 1250 مندوباً بالإضافة إلى الفوز في 14 ولاية، فيما تتقدم على أوباما في عدد المندوبين الكبار حتى الآن، ويراودها الأمل في أن يكونوا ملاذها الأخير إذا لم تحرز نصراً ساحقاً في بنسلفانيا والولايات التسع الباقية.
بيد أن موقف المندوبين الكبار سيكون حساساً، حيث سيتعين عليهم حسم هذا العناد والإصرار بين المتنافسين، وعندئذ سيكون أمامهم خياران سيتمثل أحدهما في التصويت لهيلاري بما يعنيه ذلك من تجاهل لإرادة الأغلبية ممن صوتوا لأوباما، سواء كانوا ناخبين شعبيين أو مندوبين عن ولاياتهم، أو الخضوع لإرادة الناخبين والتصويت لمرشح الأغلبية الشعبية، بما يعنيه ذلك من إغضاب لجبهة كلينتون وربما إحداث انشقاق في صفوف الناخبين الديموقراطيين الذين سيستاؤون لخروج مرشحتهم التي صوتوا لها. لذلك يحاول زعماء الحزب الديموقراطي إقناع أحدهما بالخروج قبل انعقاد ؤتمر الحزب في دينفر في ولاية كولورادو في آب المقبل.
وفي مسعاها لكسب تأييد اللوبي اليهودي، قالت كلينتون إنه إذا تعرضت إسرائيل لهجوم إيراني بأسلحة نووية، «فسنكون قادرين عندها على محوهم بالكامل». وقالت: «أريد من الإيرانيين أن يعرفوا أنه إذا كنت رئيسة للولايات المتحدة، فسوف نهاجم إيران، في السنوات العشر المقبلة التي قد يدرسون خلالها بغباء احتمال شن هجوم على إسرائيل، سوف نكون قادرين على محوهم بالكامل».
إلى ذلك، لم يخف باراك أوباما انزعاجه أول من أمس عندما توجه إليه أحد الصحافيين بسؤال عن لقاء الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل.
(أ ب، يو بي آي، أ ف ب)