strong>تشهد الساحة الإسرائيلية حالاً من التخبط والتجاذب بين إنكار التوصل إلى اتفاق تهدئة مع «حماس» والالتزام بها عملياً. وفيما بادر كل من رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك لنفي عقد أي اتفاق، توالت التقارير والتصريحات لتأكيد الاتفاق وتحديد بعض محتوياته، وهو ما أكّده الرئيس الفلسطيني محمود عباس
غزة ـ رائد لافي
القاهرة ـ الأخبار
على عكس ما هو واضح على الأرض ومتفق على أنه «تهدئة مؤقّتة» تمهيداً للتوصل إلى اتفاق شامل برعاية مصرية وضوء أخضر أميركي، أعلن أولمرت أنه «لم يتم التوصل إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس». ونفى وجود مفاوضات للتوصل إلى اتفاق من هذا النوع. وشدد أولمرت، خلال مؤتمر صحافي في القدس مع نظيره التشيكي ميريك توبولانيك، على أنه «ليس هناك اتفاق ولا مفاوضات، لا مباشرة ولا غير مباشرة» تهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع «حماس». وأضاف «من جانبنا هناك طلب واضح ولم يتغير. وإذا ما تمت الاستجابة لهذا الطلب فلن يكون هناك داع لوقف إطلاق النار». وتابع «إذا توقف الإرهاب، إذا توقفت (صواريخ) القسام عن ضرب سكان سديروت وصواريخ غراد عن ضرب مدينة عسقلان، عندها لن يكون لدى إسرائيل أي سبب لقتال المنظمات الإرهابية» في غزة.
وفي الإطار نفسه، نفى إيهود باراك تقارير نشرتها الصحف الإسرائيلية حول وجود اتفاق تهدئة مع «حماس»، ولوّح بمواصلة العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة. وأوضح، خلال زيارة لقاعدة الشعبة التكنولوجية واللوجستية في تل أبيب، «من يعتقد أن ثمة تهدئة، فأنا أريد أن أُصلح، لم نُنه هناك أي شيء، الامتحانات الصعبة لا تزال أمامنا، وفي غزة سيتواصل النشاط العملاني».
واشار باراك إلى أن هدف المؤسسة الأمنية هو وقف إطلاق النار باتجاه إسرائيل ووقف الإرهاب من غزة، مع تقليص دراماتيكي لتهريب السلاح إلى القطاع. وقال «فقط عندما تحدث هذه الأمور، سندرس الطريق للتهدئة». وأشار إلى أنه «لا يوجد أي اتفاق مقابل المنظمات الإرهابية. القتال متواصل وسيتواصل، ثمة اعتبارات مختلفة، ونحن سنضرب في الزمان والمكان المناسبين».
وتتعارض تصريحات باراك مع ما نقلته صحيفة «هآرتس» عن مصدر عسكري إسرائيلي بأن الجيش تلقى تعليمات من المستوى السياسي في الأيام الأخيرة بـ«كبح جماح» العمليات العسكرية ضد فصائل المقاومة في قطاع غزة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إنه في إطار «قواعد اللعبة الجديدة»، تم تحديدها خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى البلاد، الأسبوع الماضي، ستمتنع إسرائيل عن شن هجمات على قطاع غزة ما دامت فصائل المقاومة لم تطلق الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية.
وقال المسؤول إن «قواعد اللعبة» الجديدة تتضمن ثلاثة مستويات: إذا أوقفت فصائل المقاومة إطلاق الصواريخ بشكل تام فسيوقف الجيش عملياته العسكرية في قطاع غزة؛ القصف على سديروت ومحيط غزة سيتم الرد عليه بهجمات جوية؛ والقصف على عسقلان سيتم الرد عليه بعمليات اجتياح برية.
وفي السياق، كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب عن أن حال الهدوء الملحوظة التي يشهدها قطاع غزة منذ ثلاثة أيام تندرج في إطار «تهدئة مؤقتة»، وافقت عليها فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، بناءً على طلب مصري وبضوء أخضر أميركي، إلى «حين بلورة اتفاق تهدئة شاملة خلال الأسابيع القليلة المقبلة».
وقالت المصادر لـ«الأخبار» إن «مصر تعمل على صياغة اتفاق تهدئة شاملة يتضمن وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية في النقب الغربي، في مقابل وقف الاعتداءات الإسرائيلية بما فيها عمليات الاغتيال والتوغل، ورفع الحصار عن غزة وفتح المعابر، لمنح عملية التسوية والمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فرصة لإحراز تقدم».
وأضافت أن «نجاح مصر في التوصل إلى اتفاق تهدئة سيقود إلى إنهاء قضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في إطار صفقة تبادل أسرى».
وعلمت «الأخبار» من مصدر قيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» أن فصائل المقاومة ستتلقى دعوة مصرية للاجتماع في القاهرة خلال أسابيع قليلة، للبحث في كثير من القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية، أبرزها التهدئة ورفع الحصار وإعادة فتح المعابر، والعودة إلى الحوار الوطني لإنهاء الانقسام الحاد في الساحة الفلسطينية.
وفي السياق، قال رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية إن «الحكومة الفلسطينية (المقالة) سوف تساعد القيادة المصرية في التوصل إلى تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة، بهدف رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني». وشدد على أن «التهدئة يجب أن تكون في سياق يقود إلى وقف العدوان ورفع الحصار وإعادة صياغة العلاقات الداخلية على أساس التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية ووحدة الشعب والتراب والوطن».
كذلك، تحدّث الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان عن «اتفاق مبدئي» للتهدئة، موضحاً أنه قد يتم الإعلان عن «صفقة» في هذا الشأن في «الأيام المقبلة». وأضاف أن «وجهة نظرنا هي وقف الصواريخ»، مشيراً إلى أنه أبلغ المسؤولين المصريين بذلك وطلب منهم التدخل.
وقال عباس، بحسب البيان للديوان الملكي الأردني، إن «حماس طلبت أن يحمى قادتها هي و(حركة) الجهاد (الإسلامي)، من الإسرائيليين». وأضاف «أعتقد أن الإسرائيليين يوافقون على ذلك أو وافقوا» عليه. وأوضح أن الاتفاق يتضمّن أيضاً «تخفيف الحصار مبدئياً على قطاع غزة بالذات وفتح المعابر الأخرى، مثل معبر كرم أبو سالم ومعبر كارني ومعبر إيريز، ثم نفكر ونعمل في ما بعد على فتح معبر رفح حسب اتفاق عام 2005».
وفي القاهرة، كشف سفير مصر السابق في إسرائيل، محمد بسيوني، عن أن بلاده تعتزم طرح مبادرة شاملة (على الطرفين) تتضمن التهدئة وضبط الحدود بين مصر وقطاع غزة ورفع الحصار، وكذلك تبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس».
وغداة اجتماع المستشار السياسي لوزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، مع رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، أشار بسيونى إلى أن جلعاد أوضح أن إسرائيل مستعدة للتهدئة بشرط أن توقف «حماس» إطلاق الصواريخ وتوقف عملية تهريب الأسلحة إلى داخل قطاع غزة ولا تستغل فترة التهدئة في إعادة بناء قدرتها التسليحية.
ولم تسفر محادثات مصر مع «الجهاد» و«حماس» علن التزام الطرفين بالهدنة، لكن بسيوني قال إن «الحركتين تطالبان من جهتهما بتهدئة شاملة ومتزامنة تشمل الضفة الغربية
لا قطاع غزة فقط، وتضمن توقف إسرائيل عن كل ممارساتها من اجتياحات واغتيالات واعتقالات، إضافة إلى رفع الحصار وفتح معبر رفح».
إلى ذلك، أفاد مصدر طبي فلسطيني أن الشاب الفلسطيني علاء عطا الله (26 عاماً) استشهد متأثراً بجروح أصيب بها في غارة إسرائيلية استهدفت الأسبوع الماضي منزل عائلته في مدينة غزة.


الاستخبارات الإسرائيليّة: حكومة السنيورة على عتبة السقوط
نقلت صحيفة «معاريف» عن وزراء إسرائيليين، استمعوا إلى عرض التقدير الاستخباري خلال الاجتماع الحكومي، الأحد، قولهم إنهم لا يذكرون تقديراً استخبارياً بهذا المستوى من السواد. وقال أحد الوزراء للصحيفة «سيصعب عليّ النوم هذه الليلة. ثمة انطباع أنه فقط في الغرب لا ينوون التصويب باتجاهنا».
وأشارت «معاريف» إلى أن التقدير تضمّن أيضاً تقويماً لوضع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في لبنان، فرأى أنها على عتبة السقوط، وأن السيد «حسن نصر الله قريب جداً من السيطرة على الدولة، حتى بواسطة الانتخابات البرلمانية المقبلة».
بدوره، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك أن «الصورة التي رسمها التقدير ليست بسيطة، وتضع التحديات أمام إسرائيل». وقال إن التقدير يبسط قوساً من التهديدات من إيران، مروراً بسوريا وحزب الله وحماس، لكنه أيضاً يبسط فرصاً، مشدداً على أن هناك «صورة أساسية مهمة جداً تعلو كل شيء وهي أن إسرائيل كانت وستبقى دائماً الدولة الأقوى ضمن دائرة بعد 1500 كيلومتر من القدس، وهذه الحقيقة هي التي تعطينا الإمكان للعمل بأعصاب باردة وتفكير روي وتسديد ضرباتنا في الوقت المناسب، عندما نريد نحن، لا عندما يكون الأمر مريحاً للجانب الآخر».